ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Wednesday 04/07/2012 Issue 14524 14524 الاربعاء 14 شعبان 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

(الآخر هو الجحيم)..

قالها أحد الفلاسفة، ورغم صحة هذه العبارة بصورة أو أخرى في بعض الظروف إلا أن الواقع يفرض حقيقة أخرى تقول إن الآخرين هم الحب والصخب الجميل، هم الجمال والأمان والمرايا الملونة التي نستطيع بها ومن خلالها أن نرى أنفسنا بوضوح، أثبت الواقع حتمية وجود الآخرين وأهمية تواصلنا معهم لأجل بناء ذواتنا ولأجلهم ولأجل تشكيل العالم، ولكي تصبح الحياة أكثر تميزاً وبهاء، وربما أكثر احتمالاً.

لكن ثمة حقائق أخرى تتقاطع مع ما نحلم به ونتأمله.. مهما بلغت علاقتك بالآخرين قرباً واهتماماً أخذاً وعطاء متبادلاً بينك وبينهم فلابد من أمر ما..

أحياناً لابد لك أن تستخدم حواسك جزئياً بمعنى لا تركز كثيراً فتَتعب وتُتعب الآخرين معك، عليك أن ترى بعين واحدة وتسمع بأذن واحدة وتستخدم جزءاً يسيراً من حاستك السادسة، فهذه وحدها قد تورطك كثيراً، قد تبحر بك إلى جزر مجهولة وإلى جدران صماء.. وإلى أنفاق عجيبة يصعب التحرر منها..

حدثتني إحدى الصديقات وهي فنانة مبدعة بهذه الحكاية، تقول تعرفت مؤخراً على إحدى السيدات التي تربط ما بيني وبينها علاقة عائلية، تعاملت معها فوجدتها طيبة، محترمة، أحببتها كما أحبتني، ولظروف خاصة فقد سكنت هذه المرأة خارج الوطن منذ فترة من الزمن، ذات يوم استدعتني - لما أملكه ولله الحمد من قدرة إبداعية فنية - لمساعدتها في ترتيب شقتها الجديدة، رحبت كثيراً وتوجهت إليها رغم انشغالي في ذلك اليوم وإحساسي بشيء من الإرهاق إلا أنني آثرت تلبية طلبها، قضيت لديها يومين وفي لحظة الوداع كنت أحمل معي مفتاحاً آخر للشقة سلّمته لي لكي أشعر بحريتي في الخروج والدخول ريثما أنهي مهمتي، أثناء الجلسة قلت لها مازحة إن المفتاح أصبح لدي وأنني أستطيع الحضور وفتح باب الشقة دون انتظارها مستقبلاً، لحظات ورأيتها قد سرحت بفكرها بعيداً، كنت أتحدث معها في أمور شتى وقد وضَعتُ المفتاح على الطاولة التي لا تبعد كثيراً عن الباب قائلة لها بأني سوف أسلَّمه لأصحاب الشقة أسفل وهو الأمر الطبيعي الذي كان سيحدث، أخذت تشاركني في الحديث وهي تسير بخطوات عفوية حولي حتى كان أن مدت يدها وأخذت المفتاح قائلة وهي تبتسم بأنها هي من ستسلمه نيابة عني وأنني قد تعبت بما يكفي، حينها تسلل إلى أعماقي شيء من الضيق والحزن والأسى فقد شعرت بحذرها منى وقلقها من بقاء المفتاح لديّ وشكها فيما إذا كنت سأسلمه للمكتب المسؤول أسفل أم لا؟! يبدو الموقف صعباً، حاولت بعده تهدئتها وحضر إلى ذاكرتي أثناء الحديث هذه الأبيات:

إذا كنت في كل الأمور معاتباً

صديقك لم تلق الذي لا تعاتُبه..

فعش واحداً أو صل أخاك فإنه

مقارفُ ذنبٍ مرةً ومجانُبه

إذا أنتَ لم تشرب مراراً على القذى

ظمئت وأيّ الناس تصفو مشاربه..

 

فجرٌ آخر
أحياناً..!
فوزية الجار الله

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة