|
تعتبر حاسة السمع من أهم الحواس التي ترتبط ارتباطا وثيقا بقدرتنا على التطور والتفاعل والعمل والتعلم ، فتطور اللغة وتشكلها على سبيل المثال هي ماتجعلنا نستطيع الكلام وكذلك تمكننا من فهم معاني الكلام الذي نسمعه، وهناك دراسات علمية كثيرة جدا بحثت تأثير فقدان السمع على تطور الإنسان، والغالبية العظمى من تلك الدراسات أشارت إلى أن ضعف أو فقدان السمع يؤدي إلى مآلات سلبية كثيرة منها: التأخر اللغوي، والتأخر الأكاديمي، وتأثيرات نفسية على تكون الشخصية، وتأثير واضح على القدرة على العمل وأيضا إيجاد فرصة عمل، وتأثيرات اقتصادية كبيرة على العائلة والدولة.
ويعد ضعف السمع الخلقي (أي يولد الجنين وعنده ضعف سمع) الأكثر انتشارا على الإطلاق مقارنة مع أي إعاقة أخرى، حيث تبلغ نسبة حدوثه حوالي 3 لكل ألف مولود في الدول المتقدمة، وتزداد هذه النسبة بشكل لافت بمجتمعاتنا العربية لتصل إلى 7 - 10 أضعاف النسبة العالمية كما وجد ببعض الدراسات، ويعزى سبب زيادة ضعف السمع في مجتمعنا إلى عدة عوامل أهمها زواج الأقارب، كون ذلك يؤدي إلى زيادة احتمالية حدوث تجميع الجينات المسؤولة عن ضعف السمع.
إن الكشف والتدخل المبكر لضعف السمع عند المواليد يبقى العنصر الأكثر فاعلية ويؤدي لتقليل أو حتى معالجة فقدان السمع، وبالتالي تطور اللغة بشكل طبيعي كما هي عند الأطفال اللذين ليس عندهم ضعف سمع، وهناك دراسات كثيرة منشورة بأرقى المجلات الطبية أجمعت على أنه إذا ماتم تشخيص ضعف السمع بحدود عمر 3 شهور وإجراء العلاج بحدود 6 شهور من عمر الطفل فإن التطور اللغوي والأكاديمي لهذه الفئة من الأطفال تكون متساوية مع الأطفال اللذين لديهم سمع طبيعي.
إن تشخيص ضعف السمع عند المواليد ـ ولله الحمد ـ أصبح متاحا منذ أكثر من ??سنة باستخدام أجهزة ذات دقة عالية ، حيث إن الدقة في التشخيص تصل إلى 99 % ، وفي مستشفى الملك عبدالعزيز الجامعي توجد أفضل هذه الأجهزة على مستوى العالم، وتقدم هذه الخدمة سواء كان بالتشخيص أو بالعلاج إذا ماتطلب الأمر ذلك، ونحن بدورنا نشجع الأهل على الإسراع بإجراء هذا الفحص لأولادهم وبناتهم لتلافي المضاعفات الناشئة عن تأخر وقت التشخيص والعلاج.
د. مراد المومنى - البورد الأمريكي في السمعيات - مركز الأعمال ـ م م ع ج