كي تزول الوحشة من القلب ولا تنطوي الصدور على البغض والكدر، ولا هي مقارعة الأخطاء بل أردنا مقارعة الكلام اللطيف، الجميل، الواقع في النفوس المبني على اللين الذي يستميل القلوب، ويسترق العقول، ويستدعي المؤاتاة لغرس أشجار التنافس لحياة أهدى وأهنأ..
هذا ما تجده بين دفتي كتاب (قبل إعلان حالة النكد.. رؤى وأفكار للمقبلين على الزواج من الشباب والفتيات) لمؤلفه سلمان بن محمد العُمري، ووفق ما نشرته صحيفة (الجزيرة) في عددها رقم 14477 الصادر يوم الجمعة 27-6-1433هـ بقلم د. محمد الشويعر واستعراضه لهذا الكتاب، ومن خلال قراءتي لهذا الكتاب المهم وما وجدت فيه من أفكار ورؤى متجددة غير متناهية، فما أجدر بكل المقبلين على الزواج ومن يعيش هذه الحياة الهانئة (الحياة الزوجية) أن يطلع عليه ويقتنيه فهو إهداء إلى كل الناشدين عن حياة أقرب لها المثالية.. لتعبق حياتهم بالسكينة والأنس..!!
كتاب وإن كنت قد وجدت اسمه غير مطابق لمقتضى الطبع السليم وكأنه يقول لكل زوج وزوجة قبل أن تقولا ليت بيني وبينه أمدًا بعيد، ولكي لا تكون الحياة أكثر عتمية وضبابية، فهو عنوان صاخب يؤرق القارئ وربما يؤدي لاجتذابه..!!
إنما قبل الإغراق بهذا العنوان، ما يحتويه مضمون أثمن فائدة، وأفصح مقالاً إذا تأمله وتدبره الفتى والفتاة وهو هدية لهما أغنته تلك الأفانين ليكون محل الثقة في مهمات أموره وحليمًا في موضع الحلم وفهيمًا في موضع الحكم ومؤثر في حياة كل منهما. فهذا الكتاب يحمل أفكارًا مستمدة من عبق السنَّة المطهرة، ففيه من الأفكار التي تنأى بهما عن الاستثقال والجفوة والجفاف، فيرضيه ثم يرضيه إلى المؤاخاة والشفقة والأنس ببعضهما.
وغاية المؤلف من هذا الكتاب الإجادة في فن مهارة التعامل في منظومة الحياة الزوجية وفائدته تظهر جليًا حين تطبق كل الأفكار والرؤى، فقد سبكت سبكًا جليًا بدون تعقيد أو التباس بأسلوب يفهم من عامة الشباب والفتيات، ومن جعل هذه الأفكار والرؤى منهجًا له حتمًا بإذن الله يعيش في ظل ممدود وهناء وسعود..!!
وكل منهما سيكون هروبًا لبعضهما من هجيرة الحياة ودوحة حنان يتفيأ بظلالها لو تمثل بها.. يوضح الكاتب والمؤلف سلمان العُمري أن كلاً من الزوجين له عالم مثير مثلما هي صفات لا يملك مفاتيحها إلا من فهم طبائع بعضهما بالتالي تأتي عملية الإقناع كما الاقتناع.
فالرجل والمرأة يتقاسمان رحلة العيش في زورق الحياة، فكل منهما دوحة وهيبة عطاء وإلمام روحي وجداني. والحياة الزوجية منظومة متكاملة لا بد لكلا الطرفين من الوعي الكامل والثقافة الواسعة فيها كي يتمكن من رغد العيش ولا بد لهما من فهم روافد العلاقات الاجتماعية من تفعيل ثقافة الاعتذار وفلسفة التسامح، فالتسامح بين الزوجين فضيلة لا يدركها إلا الحكماء، فوضح الكاتب من خلال الأفكار والرؤى أن المثالب والأخطاء والنقص حتمًا واردة، فالكمال ليس من طبيعة البشر. فالكيس هو من يعرف كيف يتعامل مع أخطائه والنقص والمثالب التي في الطرف الآخر تكمله صفة واردة أجمل..!! بل صفات وأخلاق.
فالنفس البشرية تواقة بأن تطرق عاطفتها المديح، لذا جاء تأكيد المؤلف على أن كل منهما يثني على الآخر ويطرب عاطفته بالثناء والإطراء.
هذا الكتاب الذي احتوى على خمس وعشرين فكرة ورأيًا في 167 صفحة اختتمها بتوصيات حول دور الأسرة والمجتمع في إعداد المقبلين على الزواج، فقد اشتمل على شتّى بساتين السعادة الزوجية التي ينشدها كل زوج وزوجة، كان حتمًا على الفتى والفتاة ليكونا مرجعًا لحياتهما ومنهم من أمضوا عمرًا فيها.
أوصى المؤلف على مفردات بسيطة صغيرة لكنها بمضمونها وشموليتها تكفل الاستقرار للأسرة المترنمية للحب والوئام، فكل مفردة بين لفظها ومعناها الفرق بين الشمس بمنظرها وحقيقتها فإذا وجد الزوجان بين جوانحهما ضالتهما من القلب الرحيم والحنون وجد المجتمع بأكمله ضالته من السعادة والهناء. المؤلف يدعو من خلال الأفكار والرؤى، أن كلاً منهما يمنح بعضهما الحب والإيثار ويكونا قلب الآخر مستودعًا لأسراره وهواجس نفسه، ويحنوا الرجل على زوجته، والعكس رحمة الرفيق بالرفيق لا رحمة السيد بالعبد.
وليجعلوا بعضهما نديمًا لسهر ومؤنسًا حين الوحشة، وجملة القول ولكي لا يسير الاثنان من شؤون حياتهما في ظلمة داجية ولكي لا يستثيرا الأشجان ويستذرفا العبرات وقبل أن يضيق بهما غسق الدجى مثلما كان عنوان مؤلفنا اليقظ.. فكان حتمًا وقضيًا على كل زوجين أن يقطف من بستانه ويخالجهما شعور بالأمل بحياة ترفرف عذوبة واستقرارًا فيتقلبا بين أعطاف حروفه وكلماته كي ينتفعا به، ومن ثم باتت هي حياتهما لألىء من نجوم..!!
ما جاء به الكتاب ليست عصية على أحدهما، لكنها إرادة تتمكن من النفوس كي تكون ميراثًا للأبناء من بعدهما.
- حميدة الخالدي