في سوريا النظام هناك يمارس الدور الأبليسي، يثير العداوات، يزرع التخويف والتهويل والرعب، يتقن فن البهتان والمراوغة والتلون وتبديل الجلد، يحاول جاهدا أن يحدث الفوضى والدمار والتخريب والهدم والإزالة والكنس، يمارس أنواعا عديدة من الدجل السياسي والمراوغة
والهروب، لديه أدوات جهنمية ممنهجة لترسيخ حالة التشرذم والفوضى والارتباك، نظام يعمل من أجل النكوص والتقهقر والرجوع الكثيف، نظام يشبه أشجار الخريف الجرداء التي لا تسر الناظرين، ولا تقي من شمس ولا مطر وليس بها ظل مديد، نظام كالذي به غيبوبة طويلة فلا هو ميت فيدفن، ولا هو حي يستطيع الحراك، إنه مجموعة من الانتهازيين وممارسي الكذب والعهر والنفاق الممل، يزايدون في المزادات كلها من أجل المصلحة الشخصية، لا يملكون المفردة الحسنة ولا التخاطب الجميل وليس لهم عهد أو وعد ولا آلاء أو ذمة، همهم الأول أن لا تتغير مصالحهم ولا تتبدل ولا تشوبها شائبة، لديهم نظرية التحزب الكبير وتكرار التجارب المملة وعقلية المماطلة والتسويف والجمود والتباطؤ السقيم، لا يملكون الرؤية السديدة، ولا أدوات الفحص، ولا مهارة القيادة، ولا خبرة الممارسة، إنهم يعيشون في غيبوبة فكرية خارجة عن واقع الحال والمدار بلا حكمة ولا نظر ولا عقل ولا تعقل، إنهم مثل الأشجار الشوكية ذات السمية العالية والتي توحش كل مرتحل يمر بها، أنهم يحاولون باستماتة حجب الرؤية والضوء والحقيقة، لهم ضجيج عالي ونعيق وفرقعة ريح وطبول، يحاولون الارتطام بالموانع بلا حدود، وجوههم زئبقية، ملامحهم هلامية، وتحركاتهم إميبية سامة، دأبوا على التفريط في المبادئ من أجل مصالح أنانية ضيقة، وأهداف شخصية محضة، يلجأون إلى التهديد والوعيد والتلفيق والجنون من أجل الابتزاز والتكسب، لقد تحولوا إلى معاول هدم، ومناجل قطع، وآلات إبادة، وأصبحوا مجرد فيروسات تنشر الأمراض والوباء، إنهم يملكون عناوين مشتركة لها ضبابية وبها رماد كبير ولا تندرج ضمن المعقول والمقبول، إنهم مجرد جوقة بهلوانيين اعتلوا المسرح طويلا وظلوا يمارسون النكات السمجة ضمن حركات بهلوانية مصطنعة ليس بها متعة ولا مرح ولا سرور، لقد تخصصوا في صناعة الأكاذيب وتعليبها وتجهيزها ومن ثم العمل على تصديرها وفق أساليب وإشاعات متنوعة ومتعددة ليس بها بياض ولا طهر ولا نقاء، إنهم آفات خطيرة أخذت تنخر في الجسد السوري والأرض السورية والتربة والطقس والماء ، محطاتهم موحشة لا يرتادها سوى الأجساد المنهكة، ولديهم غفوة مربكة، يلفظون الحياة الجميلة، ويهرعون نحو المستنقعات التي تزكم رائحتها الأنوف، هم خليط من العقول التي مسها الجنون، خيالهم غير طافح بالأمنيات، وأعمالهم لا ترغم على الانتشاء، أزمنتهم مرة، وأمكنتهم قاسية، وألفاظهم بهاكدر ووجع، وجوههم ليست مشرقة، ويمارسون فعل الغباء، لا عندهم هاجس الصدق، ولا هاجس الرواية، ولا هاجس القصيد الرقيق، بل هاجس البهت، وهاجس البغض، وهاجس الخيبة، وتبقى الأسئلة: في سوريا إلى أين يسير القطار؟ وإلى متى والحياة تذبل؟ ويتعب الناس الانتظار؟ وكيف هي نهاية الليل الطويل؟ وكيف يكون الصباح؟ وكيف ستنهض جبال الشموخ؟ وكيف يختفي صوت العواء، وصوت النعيق، وصوت المواء؟ وكيف ينضب نهر الدماء؟ وتنبت في الأرض هناك ثمار الهندباء، وتكثر مواسم الهناء والحبور والنماء؟
ramadanalanezi@hotmail.com