ليس بالغريب على أي صحافة تتبنى ديمقراطية الكلمة وبعداً في الرأي والتزاماً بالقواعد المهنية وأخلاقياتها أن تعتلي الريادة الإعلامية, وكذلك ليس من السهل المحافظة على تلك الريادة كون العمل الصحفي من المهن الشاقة والمرهقة، فهي مطالبة دوماً بالبحث والتقصي والغوص في أعماق الوقائع الصعبة والأحداث الجسام لتستخرج الحقائق البينة إضافة إلى كونها تجسد متطلبات المجتمع وحاجته المستمرة لرفع مستوى الوعي به وكذلك من خلال التقصي والطرح التوسعي للحقائق أمام الرأي العام عن أي انحرافات عن المسار الصحيح لتدفع بالجهات المعنية للقيام بهذا الإصلاح، فهي عين رقابة لأعين غطاء وهي صوت المجتمع وقلبه النابض، ومرآة الوطن وما يحتويه من ثقافات وفكر وفنون وإبداعات وإنجازات شاملة، وهي أيضا همزة الوصل بين صوت المواطن وما يحمله من هموم وتطلعات ومطالب إلى قلب الحاكم أو العكس.
وأخطائها المهنية خطيرة، وما نلمسه من بعض الصحف الخارجية المغرضة والتي يطلق عليها «صحافة الرصيف»، والتي لا هم لها سوى التشهير أو الإسقاط المتعمد, أو انتحال أقوال الآخرين دون بينة لزرع البلبلة والفوضى الفكرية المفرغة من الحقائق وتجيرها بهدف كسب مصالح شخصية على حساب المصلحة العليا لمجتمعاتها أو تلك التي تفتعل إشعال فتيل الأزمات من أجل كسب رخيص لشعبية القراء ودون مراعاة لآداب المهنة وقواعدها.
وفي نفس الوقت حينما نلمس المصداقية في التعاطي مع الظروف الراهنة المحلية أو الأزمات التي تمر بها المنطقة العربية وتفوق صحافتنا السعودية في هذا المجال وتقدمها المتزن وقفزاتها المدروسة في سلم الريادة الإعلامية العربية والتي تعكس القدرات المهنية العالية التي يتمتع بها القائمون عليها قياساً للدول التي لها باع عتيق في هذا المجال، فإن ذلك يخلق للمتابعين والمراقبين تصوراً عاماً بالسياسة الحكيمة والمتزنة والتي تقف وراء هذا الإنجاز، وبالنهضة الثقافية والفكرية التي تعيشها البلاد، مما يستلزم لذلك جهداً متميزاً للحفاظ على هذه المكتسبات ومنح المزيد من الأدوار والصلاحيات التي ينبغي أن تعطى لها لرفع المزيد من حجم نسب مؤشرات التفوق للمستقبل الصحافي المأمول به في هذا الوطن المعطاء.
ماجستير إدارة أعمال
e.k1@hotmail.com