الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين. لقد كانت وفاة الأمير نايف بن عبد العزيز - رحمه الله - حدثاً مفاجئاً وفاجعاً، فلا حول ولا قوة إلا بالله {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}. وبمغادرة الأمير نايف هذه الدنيا خلف وراءه ذكراً محموداً في مجالات عديدة، سوف أعرض لأحدها، وأعني بذلك دعمه للعمل الخيري.
فلقد كان الأمير نايف - رحمه الله - داعماً للعمل الخيري محباً له، وتشهد بذلك أفعاله ومواقفه.
ومن صور دعمه للعمل الخيري وحبه له اهتمامه - رحمه الله - بتسيير قوافل المساعدات التي لا تنقطع إلى مواقع المتضررين من الكوارث بأنواعها في كثير من البلدان (فلسطين وكسوفا والصومال وباكستان والشيشان واليمن والبوسنة ولبنان والعراق والشعوب الآسيوية المتضررة من المد البحري تسونامي)، وغيرها، وترؤسه - رحمه الله - في هذا الصدد اللجان السعودية الإغاثية التي لم تنقطع أعمالها على مدى ما يقارب ثلاثة عشر عاماً. وقد صارت تلك الحملات والقوافل تقليداً أرسيت دعائمه تحت نظره، وظل الناس ينتظرون تلك الحملات كلما وقعت بالمسلمين كارثة أو ألم به خطب جلل.
ومن صور دعمه للعمل الخيري مساندته الندوة وغيرها من المؤسسات الخيرية السعودية، وفي كل مرة كنا نقوم فيها أنا وزملائي أعضاء مجلس أمناء الندوة العالمية بزيارة الفقيد - رحمه الله - كان يسبغ علينا من كرمه، ويبدي اعتزازه ودعمه للعمل الخيري السعودي وغاياته التي تجسد قيمنا وأعرافنا في التكافل والمواساة وتفريج الكروب وتخفيف المعاناة، ويقدم لنا - رحمه الله - من سديد الرأي والتوجيه ما يشد الأزر ويقوي الهمم ويعيننا على مواجهة متاعب العمل.
وقد حالت ظروفه الصحية والعملية أن نلقاه في عامنا هذا، ورحل - عليه رحمة الله - قبل أن يتحقق لنا ذلك. ومن خلال اللقاءات وجدت أن الأمير نايف مستمع جيد وصبور على طول أوقات اللقاء، حتى أن الاجتماع الواحد معه قد يتشعب فيه الحديث، ويستمر وقتاً طويلاً دون أن يبدو عليه ملل أو كلل، بل كان يستمع بصبر وروية إلى ما نقول ونبدي من آراء أو نأتي به من معلومات، ثم يسأل ويناقش.
ومن صور دعمه العمل الخيري الوقفة المشرفة التي وقفها في أثناء الأزمة التي عصفت بالعمل الخيري ومؤسساته، والتي أعقبت أحداث سبتمبر، وما وجدناه منه رحمه الله من مساندة، ولقد كانت ثقة سموه في العمل الخيري للمملكة ووقفته ودعمه لمؤسساته من أسباب تجاوز تلك الأزمة بعون الله وفي استمرار العمل الخيري للندوة وغيرها بين ربوع للشباب في الوطن الغالي وفي كثير من الدول والمجتمعات.
لقد كسب الأمير نايف بحبه للخير ورعايته له تقدير قيادات العمل الخيري، فضلاً عن سائر إخوانه وجنوده ومواطنيه، حتى أشاد بأعماله الإنسانية المسلمون وغيرهم في العالم أجمع، وكان - رحمه الله - أول شخصية عربية مسلمة تمنح جائزة التميز في الأعمال الإنسانية من الكونجرس الطبي الدولي في بودابست (المجر) في عام 2009م تقديراً لجهوده الإنسانية العالمية.
رحم الله الأمير نايف بن عبد العزيز؛ فلقد كان عوناً وسنداً للعمل الخيري وقضاياه والعاملين في قطاعه. وإني لأقدم العزاء خالصاً لخادم الحرمين الشريفين وللأسرة المالكة وللشعب السعودي الكريم، سائلاً الله أن يتغمد الفقيد برحمته، وينزله منازل السعداء. آمين.
الأمين العام للندوة العالمية للشباب الإسلامي