|
الجزيرة - واس:
كشفت المهرجانات السياحية الصيفية عن تميز السعوديات في الصناعات الحرفية ولفت هذا التميز أنظار آلاف الزوّار من العائلات الذين تقاطروا على مراكز التسوق بالرياض منذ بداية إجازة الصيف ، واستعرضت مجموعة من الحرفيات في أجنحة «معرض الحرف اليدوية للأسر السعودية المنتجة» الذي توزعت فروعه في 26 مركزاً للتسوق بالرياض، مهاراتهن في صناعة الحِرف القديمة التي كانت تمتهنها المرأة السعودية في الماضي، واستثمر في بعضها حالياً الخامات الحديثة مثل: غزل ونسج الصوف (السدو)، ونقش الحناء، والخياطة والتطريز، وتصميم الأشكال والمجسمات، والرسم بأنواعه، وتنسيق الزهور، وتلوين الفخار، والإكسسوارات الرجالية والنسائية، والبخور والعطور، والتحف الخشبية، والألعاب الشعبية.
وفي جولة لـ»واس» في هذه الأجنحة ، برز للجميع إقبال الفتيات على منافسة المسنّات في إتقان هذه الحِرف، نتيجة معرفتهن بأدوات التقنية الحديثة التي أسهمت في بلورة جهود أمهاتهن وجدّاتهن في الصناعات التي كانت تعتمد على حرفة اليد، وتطوير آلياتها ومزجها بتقنيات العصر، لتواكب أذواق الجمهور بمختلف شرائحه، مع الحفاظ على تاريخ وتراث أبناء المجتمع السعودي، لتخرج للمتسوقين في أصناف صناعية متعدّدة ذات صبغة محليّة.
وأشارت إلى أن إنتاجها الوفير من العطور المختلفة وجد قبولاً لدى مرتادي مراكز التسوق بالرياض، ساعدها في زيادة دخلها اليومي الذي تجنيه من المشاركة في هذا المهرجان، وأعانها على سداد أقساط إيجار المسكن، وتلبية متطلبات الحياة.
وفي إحدى الأجنحة، وقفت بكل شموخ مزهوة بأعمالها إحدى طالبات الكلية التقنية بالرياض «الهنوف العريبي»، وقالت في حديث مماثل لـ «واس»، إنها شاركت في هذا المهرجان بأشغال الخياطة اليدوية، وعمل المفارش والأغطية والملابس، مبينة أنها بدأت هذه المهنة منذ أن كانت تدرس في الصف الخامس ابتدائي.
وأفادت أن أعمال خياطة التريكو والكروشيه الذي تعلمته في المدرسة، لفت نظرها إلى هذه المهنة، وبعد أن كبرت عملت على تطوير مهاراتها عن طريق المواقع العالمية المتخصصة في ذلك المجال على شبكة الإنترنت، حتى أنتجت الحرف المختلفة التي وجدت إقبالاً كبيراً من مرتادي المهرجانات بالمملكة سواء من المواطنين أو المقيمين.
أما إذا كنت من عشّاق الألوان، فإنك حتماً ستجد في حرف الأسر المنتجة من يتلمس هذه الذائقة، إذ برزت موهبة الشابة «خيرية عسيري»، وهي صاحبة إنتاج إبداعي في الرسم والخط على مدى 17 عاماً، قدمت من خلالها العديد من اللوحات الفنية المتميزة والمعبّرة عن مشاعر الإنسان، كما زيّنت الأواني الفخارية والأكواب بعبارات وأسماء خُطّت بأنواع مختلفة من الخط العربي، في حين أشارت عسيري إلى أنها تفضل المشاركة في المهرجانات المختلفة كونها أرضا خصبة لبيع إنتاجها، ولا تستنزف الوقت والمال كما في البازارات.
وفيما يتعلق بفن التصميم والإكسسوارات، فقالت المصمّمة «دلال اليعقوب»، إنها عملت على تصميم إكسسوارات نسائية وطباعة الأسماء والصور عليها منذ ست سنوات، مستهلة مشوارها في ذلك المجال كهاوية إلى أن تحولت فيما بعد إلى حرفية ثم إلى مستثمرة بسيطة، تستقي من صنعتها الممزوجة بالحداثة لقمة العيش، موضحة أنها تعمل حالياً على تطوير حرفتها هذه من خلال الدخول إلى فنّ تصميم إكسسوارات الملابس الرجالية والعطور والحلي.
وفي جناح ليس ببعيد، قالت الشابة سها النعماني: تركت وظيفتي التي أمضيت فيها ست سنوات لأتفرغ لتحقيق طموحي الذي راودني منذ الصغر، وذلك بأن أكون مصمّمة عباءات نسائية محترفة، مشيرة إلى أنها بعد خمسة أشهر من تاريخ تركها للوظيفة، بدأت في نقل أفكارها لمشاريع ملموسة تتلقفها الأيادي الناعمة في المهرجانات والفعاليات التي تُنظّم في مدينة الرياض تحت جناح « الأسر السعودية المنتجة».
وأكدت النعماني، أن الطموح لوحده لم يكن كفيلاً لتحقيق هذا العطاء الذي وجدت منه دخلاً مالياً أعانها على تحمل أعباء الحياة، بل عملت على صقل هذه الموهبة من خلال متابعة المعارض والمهرجانات المتخصصة في مجال صناعة وتطريز العباءات وموضاتها المختلفة، علاوة على ما يطرح في الإنترنت من مواهب متعدّدة في ذلك الجانب، لتذهب في الأخير إلى مزج هذه الخبرات في منتج محلي يلبي ذائقة النساء دون المساس بتصميم المنتج الأصلي.
وتعزّز هذه اللفتات الجميلة أهداف مهرجان الرياض للترفيه والتسويق 1433هـ، الذي يسعى إلى رفع المكانة السياحيّة لمدينة الرياض على مستوى المنطقة، وإبراز الدور الحيوي للمراكز التجارية والترفيهية في دعم السياحة المحلية، والمساهمة الفاعلة في دفع وتنشيط عجلة التنمية الاقتصادية لاسيّما في قطاعي التجزئة والترفيه، ولم يكن «مشروع الأسر المنتجة»، منحصراً تنظيمه على مهرجان الرياض فقط، بل هيأت له مناطق ومحافظات المملكة مساحات مختلفة في المهرجانات الصيفية التي تنظمها، من منطلق الحس الوطني الذي يسعى للنهوض بمستوى المواطن والمواطنة وتعزيز مبدأ الشراكة المجتمعية، ورفع المستوى الاقتصادي للأسر وتفعيل دورها في عملية التنمية، فلا تكاد تخلو مناطق ومحافظات المملكة من إقامة هذا المشروع في مختلف فعالياتها.
ومن جانب آخر، فإن لوزارة الشؤون الاجتماعية ممثلة في وكالة الوزارة لشؤون الضمان الاجتماعي، مشروعاً متميّزاً في ذلك الجانب للمستفيدين من الضمان ، تحت مسمّى «مشروع الأسر المنتجة»، تهدف من خلاله إلى تحسين الوضع الاقتصادي للأسر المحتاجة وتحقيق الاستقرار الاجتماعي لها، لتنمو معه الطموحات فيصبح لكل أسرة مشروعاً اقتصادياً تسعى إلى تحقيقه، لزيادة قدرتها التنافسية مع المنتجات الأخرى المماثلة في السوق المحلية والخليجية.
وأكد المتحدث باسم وزارة الشؤون الاجتماعية محمد العوض، أن الوزارة ترحب بدعم الحرفيات السعوديات من الأسر المنتجة، ضمن مشروع الوزارة القائم، لمن يستحقون الزكاة، ويشمل ذلك النساء المعلقات أومن يعانين من ظروف اقتصادية كبيرة تعيقهم عن كسب لقمة العيش.
وأشار إلى أن الوزارة تقدم للمستفيدين من الضمان، دعماً مالياً عبر مشروع الأسر المنتجة يتراوح من( 10 إلى 30 ) ألف ريال، لتتمكن المستفيدة أو المستفيد من البدء في المشروع، وتحقيق الريع المادي الذي يكفل الحياة الكريمة للأسرة، مبيناً أن صرف الضمان لا ينقطع عن المستفيد طالما أنه يستحق الزكاة الشرعية.
وكانت الجمعية التعاونية النسائية «حرفة» أول جمعية تعاونية نسائية في المملكة تطلق حملة «حرفة وطن» الخاصة بدعم الأسر المنتجة والحرفيات السعوديات ورعاية شؤونهن وتطوير العمل.