الحديث حول التحكيم وشئونه وشجونه قادنا لكثير من الأفكار التي استقيناها من القراء (التشكيليين) الذين يهمهم هذا الأمر والمتضررين منه ومن نتائجه التي ظلم فيها الكثير وحرموا من حقهم في الفوز نتيجة تدني آلية التحكيم وقرارات من يقوم عليه، المبنية على الكثير من الأسباب منها الشخصية أو المؤثرات الخارجية التي أشرنا إلى بعضها في الزاويتين السابقتين، ولدينا من الشواهد الكثير.
والحقيقة أن هناك من الأفكار الجيدة لتغيير هذا النهج القديم في التحكيم وكما ذكرنا سابقاً أن بالإمكان تشكيل لجنة من خارج الوطن لتكون أكثر حيادية وبعداً عن الشك أو الظنون التي شابت كل اللجان القديم منها والجديد.
أما الفكرة الجديدة على الفن التشكيلي القديمة في مجال الشعر فهي المسابقة (المليونية) نسبة للجائزة وهي المليون ريال أو درهم كما جاء في شاعر المليون، وإمكانية طرح التجربة في مجال الفن لتشكيلي (ولو بأقل حجم من المليون)، وإبقاء الجوائز للجنة المنظمة، ويتم تطبيق الآلية أو النهج المتبع في تحكيم القصائد وأمام الجمهور بأن يدعى لتحكيم المسابقة لجنة من ثلاثة إلى خمسة محكمين ودعوة التشكيليين في المدينة أو المنطقة أو الراغبين من مختلف مناطق المملكة للحضور ليضيفوا برأيهم على ما أقرته اللجنة علنا إمام الفنانين المشاركين والجمهور يسبق القرار شرحاً فصلاً من لفنان المشارك عن الفكرة والتقنيات.
أجزم أن في مثل هذا الإجراء ما قد يحجب الجوائز الأولى، وسيبرز من يستحق الفوز وسيكون للموقف الكثير من الفوائد أبرزها وأهمها شفافية التحكيم أمام الجميع لسد أبواب ما علق بتلك اللجان من اتهامات ويمنح الكل القناعة نتيجة مشاركتهم في الانتقاء.
مع أن الفكرة (جهنمية)، (أو مجنونة)، كما يطلقها الشباب عند الإعجاب بأمر ما، إلا أن تنفيذها لن يكون مقبولاً عند الكثير من المشاركين في المسابقات ممن يجدون في لجان التحكيم فجوات وفي منهجية التحكيم الحالية من ثغرات يتسللون منها إما بشكل مباشر أو غير مباشر.. أما الأكثر توقعاً فهو في عدم دخول الكثير من المشاركين في هذه المسابقة وبهذه الطريقة من التحكيم المعلن لخوفهم من انكشاف تدني مستواهم (تقنية وفكر) وسماع التعليق عليها، أو عدم تحمل الصدمة حينما ترفض من اللجنة ويطلب أبعادها من التحكيم لعدم وجود أدنى مستوى من اكتمال عناصر العمل أو مطابقته لشروط التحكيم.
ومع ذلك فأنا من المؤيدين لمثل هذا التطوير والتجديد في مجال التحكيم بعيداً عن الغرف المغلقة والتوصيات، والمجاملة التي يمنحها أعضاء اللجنة لأحدهم تقديراً للأكبر سناً أو لعلو درجته العلمية بعبارة (أنت تآمر)، أو (أنت فصل وإحنا نلبس) بمعنى أنهم يتقبلون رأيه واختياره.. ويتركون له أكبر مساحة من تحديد الأعمال الفائزة.. (الشواهد كثيرة).
أما الفكرة الأكثر تحدياً فهي أن يقوم الفنانون الفائزون بتنفيذ عمل أمام الجمهور الحضور للمعرض ليكشفوا لهم أحقيتهم بالفوز ويزيحوا ما يثار من اتهامات بأن هناك من يقوم بالرسم للبعض وأنهم خارج تلك الاتهامات، مع أن لدينا وثائق كثيرة عن مشاركين في زمن (ما) لم يكونوا أصحاب الأعمال التي حملت إمضاءاتهم ومنحوا جوائز مادية ومعنوية.
monif@hotmail.com