هناءٌ محا ذاك العزاء المقدما
فما عبس المحزون حتى تبسما
بالأمس القريب يوم السبت 26-7-1433هـ فجع الشعب السعودي برحيل وفقد رجل عظيم ضحى بزهرة شبابه وعمره كله خدمة لدينه ووطنه إنه صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز ولي العهد ووزير الداخلية، وقد خيمت على سماء مملكتنا غمامة حزن لهول المصيبة فيه لفقده وغيابه المفاجئ، فتأثر العالم الإسلامي والعربي بل وعلى المستوى الدولي - تغمده الله بواسع رحمته - جزاء ما قدمه من أعمال جليلة يتعذر عدها وحصرها.
دقات قلب المرء قائلة له
إن الحياة دقائق وثواني
فارفع لنفسك قبل موتك ذكرها
فالذكر للإنسان عمر ثاني
واليوم نهنئ صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز ولياً للعهد خلفاً لخير سلف، وهذه سنة الحياة الدنيا في تعاقب الأجيال مودَّعاً ومستقبلاً في ساحاتها وفوق أرضها إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فراية ولاية العهد السعودي تنتقل بسهولة ويسر من يمين ولي عهد إلى يمين آخر يحتضنها بكل هدوء ورضا، وتضامن ومحبة من شعبه وحكومته، وهذه لعمري ميزة حميدة جداً تتمتع بها الأسرة الحاكمة مع شعبها الوفي منذ عهد المؤسس الملك عبد العزيز - طيب الله ثراه وأسكنه فسيح جناته - فهو قدوة حسنة ومدرسة نموذجية لأبنائه البررة ملوك وأمراء هذا الوطن:
هم الملوك وأبناء الملوك لهم
فضل على الناس في اللأواء والنّعم
فالصغير منهم يحترم الكبير ويجله، والكبير يقدر الصغير وينفحه بالحِكَم والتوجيهات السديدة لتكون نهجه الأساسي يستنير بها في قابل أيام حياته العلمية والعملية، لأن الاقتراب من رواجح العقول والأفكار النّيرة وملازمتهم تثري حصيلة المرء من تجارب من سبقه.
فسمو الأمير سلمان بن عبد العزيز متعه الله بالصحة التامة وأعانه على حمل رسالته الشريفة قد نهل وتروى من توجيهات وتوصيات والده جلالة الملك عبد العزيز -رحمه الله - فقد تسنم مناصب عالية مبكراً أكسبته حنكة ودراية ومعرفة بأحوال الناس على اختلاف مستوياتهم العلمية ومواقعهم الاجتماعية جعلته يصرّف الأمور المنوطة به بكل سهولة، فبابه مفتوح لكل مراجع بدون حاجب:
إذا جئته لم تلقَ من دون بابه
حجابا ولم تدخل عليه بشافع
وله باع طويل في مجال الأدب والتاريخ والخطابة ؛ فهو أديب وقارئ يطيل تسريح النظر في بطون الكتب الدينية والأدبية والتاريخية كلما مكنته ظروفه، فأثرت حصيلته بكل توسع وعمق فكري، فعندما يعلو المنابر في المناسبات الداخلية والدولية يظل مسترسلاً، يجيب السائل على قدر السؤال إجابة فورية دبلوماسية في المجال الصحفي والإعلامي بدون تحفظ، فهو يملك زمام ما يصرح به بأسلوب قوي السبك تلذ الأسماع إلى متابعته والإنصات إليه بكل حب واحترام.
يتزين النادي بحسن حديثهم
كتزين الهالات بالأقمار
ولقد وفق خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في حسن اختياره ولياً للعهد ونائباً له، وتعيين صاحب السمو الملكي الأمير المحبوب أحمد بن عبد العزيز وزيراً للداخلية وفقهما الله وأعانهما على مهامهما الجديدة:
فاسلم ودم أيها الأمير مبتهجاً
وخذ من العيش أصفاه وأضفاه