|
كتب - إبراهيم التركي
** كان من أوائل معدي ومقدمي برامج المسابقات في التلفزيون السعودي، وما نزال نذكر لعبته الشهيرة «أيوا ولا» التي تمتنع الإجابةُ بهما كي يفوزَ المشارك، وهي فِقرةٌ مكملةٌ طريفةٌ يخاتل فيها الأستاذ غالب كامل متسابقيه فينطقون بها، وقلةٌ من يستطيعون تجاوزَها بسلام، وإذا عددنا مذيعي البرامج ذات الطابع العلمي فإن «عمر الخطيب وماجد الشبل وشريف العلميّ وغالب كامل» من أبرز فرسانها المجَلّين.
** بقي أستاذنا «أبو سايد» رقمًا إذاعيّا مهمًا، وتدرج حتى صار كبيرَ المذيعين، وتتلمذ كثيرٌ من شُداتنا في مدرسته، ووعينا فيه جمال الصوت وعذوبة النطق وسلامةَ اللغة كما الالتزام والانتظام؛ فكان أشبهَ بالعسكريّ الصارم المنضبط، ومثّل لنا تبديلُ فترةٍ أو نشرةٍ في زمنه معضلةً إجرائيةً نتحاشاها كيلا نمرّ بسلسلتها الطويلة المتعمدةِ درءًا للتأخر وعدم المبالاة التي تلازمُ بعضَ الإذاعيين.
** جاءت «الستون» مبكرةً على أستاذٍ كبيرٍ ما يزال -بفضل الله حتى اليوم- ممتعًا بقوته وشخصيته وهيبته وجمال روحه وتواضعِ أخلاقه؛ لكنه النظامُ الأصمّ، ولم يتوقف «غالب كامل» عن متابعةِ عشقه لكن عشقه تخلى عنه، وتصور -محسنًا الظنّ- أن المحطاتِ الخاصةَ ستركضُ وراءه، وهو المواطنُ والوطنيّ المتمكن، لكنها نأت بجانبها نحو «جورج ونيشان وميشيل ومحمود وعماد وجهاد وغيرهم»، وتألم وهو يسمع عقودًا تبرم مع بعضهم بأرقامٍ فلكيةٍ وهو يعرضُ خدماته فلا يجدُ مستجيبا.
** اقتنع «أبو سايد» أن كرامته أهمُّ من تكرمهم؛ فلزم بيته وصحبه وتواصله الاجتماعي الافتراضيّ والحقيقيّ المحدودين، وسعى لتجاوز أزمةٍ صحيةٍ عابرةٍ بسبب الغبار ألجأته للانتقال من الرياض إلى المدينة المنورة تارةً وعمّان تارةً أخرى؛ وبخاصةٍ في فترة الصيف، وأعطى أولاده وأحفاده حقوقًا أضاعها عليهم حين كان «المايكروفون» غذاءه و»الشاشةُ» منامه وهيامه؛ وهو من القلة التي واءمت بينهما، وكان له برنامج شهير اسمه «من الشاشة إلى المايكروفون».
** متّع الله حبيبنا وشيخنا «غالب كامل داود» بالصحة والسعادة، وعزاؤه أن عدم الوفاء قسمةٌ عادلةٌ لا تخصه وحده.