الجزيرة - وسيلة الحلبي:
أعربت الأستاذة فاطمة محمد العلي مديرة القسم النسوي بالمؤسسة العامة للتقاعد عن بالغ ألمها على وفاة صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز فقالت والغصة في حلقها والدمعة في عيونها: {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.. هي فعلاً فاجعة ومصاب جلل.. رحم الله الأمير نايف بن عبد العزيز وأسكنه فسيح جنانه، وأسأل الله أن يلهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله الصبر والسلوان فهي فاجعة كبيرة تلت فاجعته في الأمير سلطان أسأله تعالى أن يربط على قلبه كما أُقدم التعازي لكافة أفراد الشعب السعودي، إذ إننا لم نكد نستفيق من خبر رحيل سلطان الخير وشعورنا المرير بعظم الفراغ الناتج عن غيابه، حتى فُجعنا بوفاة ولي عهدنا الجديد والذي كان عزاءنا الوحيد في فقْد من سبقه، فقد فقدت المملكة خلال أقل من سنة اثنين من أبرز قادتها وأسود حضارتها الذين سطروا بمجد إنجازاتهم دروساً يُحتذى بها وحنكة يفتقدها الكثير، فقد عُرف أميرنا الراحل نايف بتنظيماته الداخلية المحنكة، وقراراته الصارمة الحازمة تجاه أي اعتداء خارجي كان أم داخلياً قد يهدد أمن البلاد ويؤرق أبناءه، لقد كان اسمه - يرحمه الله - مصدر رعب للكثير ممن كانوا يسعون للخراب والتدمير، فلقد وقف لهم بالمرصاد فأنهك قوى الشر في دواخلهم وكان بحق ممن يستحقون الاحترام والتقدير، والشكر الجزيل على كل ما قدم وسعى له من إنجازات عظيمة من ردع للمفاسد وتمكّن من الوصول إلى تحقيق الأمن الداخلي الذي جعلنا محط أنظار الحاسدين، كما عُرف أميرنا نايف رحمة الله عليه بكرمه وحكمته ورحمته للفقراء والمساكين وحب الملايين له سواء من داخل المملكة أو خارجها، ولكن عزاءنا فيما تركوه من أمجاد خالدة، وأفعال مشرفة، ودعوات من كل الأرجاء بالرحمة والمغفرة، وستبقى سيرتهم العطره تفوح زكية مدى الدهر، وستبقى المملكة شامخة بتمسكها بعقيدتها الإسلامية الثابتة بفضل من الله ومنّة.. ليس بمستغرب على أبناء هذا الوطن أن يقفوا مندهشين أمام شاشات الأخبار غير مصدقين خبر إعلان وفاة رجل عظيم فقيد الأمة الإسلامية والعربية نايف بن عبد العزيز آل سعود - يرحمه الله - فلقد كان نِعمَ الأب والأخ لكل المواطنين، وكان عضداً وسنداً لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله وأطال في عمره -.
لقد كان نايف بن عبد العزيز - رحمه الله - رجل الأمن الأول في المنطقة العربية فقد جعل من المملكة رمزاً يشهد له حول العالم لاستتباب وانتشار الأمن في ربوعه حيث تولى وعلى فترات متواصلة مسؤوليات كبيرة ومهمة منذ أكثر من خمسين عاماً شهد له خلالها القاصي والداني بالكفاءة والجدارة في التصدي للمشاكل والمخاطر الكبيرة التي مرت بها المملكة خصوصاً بالجانب الأمني والفكري وأيضاً كان سيفاً مسلطاً على محاربة الجريمة والوقوف على رؤوس مهربي المخدرات ومدمني التخريب.. كما أن له أيادي بيضاء يُشهد لها في مناصحة الموقوفين قبل أن يُحاكموا، ورعاية الموقوفين بعد قضاء المحكومية لإعادة تأهيلهم نفسياً وعملياً لدمجهم في المجتمع.اجتمعت في شخصيته - رحمه الله وأسكنه فسيح جناته - صفات كثيرة وخبرة كبيرة في المجالين الداخلي والخارجي جعلت منه رجل حكمة يعيش همّ المواطن ويسعى لمصلحة الوطن فلم يكن الجانب الأمني يشغله عن الجانب الإنساني، حيث إن لسموه أعمالاً رائدة في دعم العمل الإنساني داخل وخارج المملكة فضلاً عن دعمه المادي والمعنوي لكافة جهود رعاية المرضى وتبرعه من ماله الخاص لعلاج مئات الحالات الحرجة، والتي كثيراً ما كان يتطلب الأمر علاجها في الخارج. كان مدرسة متعددة الإمكانات والقدرات، كان قادراً على الجمع بين أقصى درجات اللين مع أقصى درجات الحزم، وهذه قلما تتوفر في أي إنسان، فهو من جهة الأب الرحوم العطوف على المواطنين، وكذلك هو من أشد من يُحارب الإرهاب والإرهابيين والمجرمين، والخارجين عن القانون بصفة عامة، كان الأمير الراحل صمام أمان للوطن، ولكن نسأل الله سبحانه وتعالى أن يعوّض هذا الوطن برجل يكون خير خلف لخير سلف.شمل اهتمامه الصغير والكبير وعلى مختلف الأصعدة من سكن المدن ومن سكن القرى حرص على الجميع بمختلف مراتبهم ورتبهم حتى من انتهت علاقته بعمله وأُحيل للتقاعد شملهم برعايته واستقبلهم مرات عديدة تلمُّساً لاحتياجاتهم ومطالبهم وتقديراً لخدمتهم، لقد كان الرئيس الفخري للجمعية الوطنية للمتقاعدين أعطاهم جل اهتمامه ورعايته، يتعب القلم وتكل الأيادي وهي تسطر الكلمات في سرد سيرته الذهبية. رغم الحزن.. رغم الألم.. رغم الفاجعة الكبيرة لفقدان قائد عظيم وإنسان نبيل فإن أعماله وإنجازاته وأبواب الخير التي تفتحت على أياديه ستبقى خالدة في نفوسنا وسنبقى على الطريق الذي رسمه لنا وستبقى أفكاره المنيرة تضيء لنا الطريق.
رحمك الله أبا سعود وأحسن مثواك وأبدلك داراً خيراً من دارك.. وإنا على فراقك لمحزونون.
{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.