لا شك ان رحيل الأمير نايف بن عبد العزيز رحمه الله كان فاجعة كبرى لها وقع ثقيل امتزجت فيها المفاجأة بعظم الحدث، وكان لذلك تأثيركبير على الجميع فتباينت ردود الأفعال، وقد رصدت في هذا المشهد ما أحب أن أشارككم فيه، فقد جرت العادة أن من وتر بعزيز عليه او قريب له يكون هو أشد المتأثرين، ويعذره الجميع ولا يؤاخذونه على ردود افعاله، وفي مشهد الصلاة على الفقيد في الحرم المكي الشريف وموكب الجنازة ومراسم الدفن رأيت خادم الحرمين الشريفين يقف بصلابة الفرسان، ويبث الجلد والصبر في كل من حوله ، وأصحاب السمو الملكي الأمراء يبادرون بكلمات التعزية لمن يواسونهم بدلا من أن يتلقوها، وبتواضع شديد يرددون عبارات: «انتم تعزون فيه مثلنا» «لقد كان رفيق دربكم» «لقد كان والدكم» وانا أعلم يقينا أنهم كانوا أشد تأثرا من الجميع، ولكن مسؤولية القيادة التي في أعناقهم تفرض عليهم ان يكونوا أقوياء من اجل الوطن، وان يعملوا على تثبيت النفوس، وكل من رأى ذلك المشهد المهيب يخرج بانطباع ان فضل الله على هذا البلد كبير بأن جعله مجتمعا متلاحما تحت قيادة قوية متماسكة تتسم بروح الانسانية والتواضع والمسؤولية.
ونحن نتوجه الى الله بالدعاء أن يلهم والدنا جميعا خادم الحرمين الصبر والسلوان، وأن يوفقه لما فيه الخير وصلاح البلاد والعباد فخادم الحرمين اسس علاقة وطيدة بينه وبين المواطنين غلب عليها الحب المتبادل، وأي منصف لا يستطيع ان يصف مشاعر خادم الحرمين تجاه شعبه الا بالمحبة الأبوية الخالصة لذلك كان موقفه في هذا الحدث الجلل موقف الأب الذي حرص على طمأنة نفوس ابنائه وتثبيتها.
تغمد الله فقيد الوطن الأمير نايف بواسع رحمته وأسكنه فسيح جنانه ونسأله سبحانه وتعالى أن يتقبل من كل من دعا له وصلى عليه في الحرم المكي الذي امتلأ عن بكرة ابيه بالمصلين، وأن يخلفه خيرا في أهله وولده ووطنه وأن يلهمنا ويلهمهم جميعا الصبر والسلوان.
{قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ }