علاقة سمو ولي العهد الأمير سلمان بن عبدالعزيز بمواطنيه منذ أن كان أميراً للرياض فوزيراً للدفاع، وإلى أن اختاره خادم الحرمين الشريفين ولياً للعهد, لم تكن علاقة عابرة أملتها المناسبة، أو علاقة عمل أو وظيفة أو مركز يتمتع بصلاحية القرار الذي يحتاج إليه المواطن فقط, ولكنها كانت - ولا تزال - علاقة إنسانية بكل مواصفاتها وصفاتها, بمعنى أن الأمير سلمان في تعامله مع الناس، سواء ضمن مسؤولية الوظيفة، بحكم متطلبات عمله، أو من خلال طبيعته الإنسانية وعاطفته في علاقاته بجموع مواطنيه؛ إنما كان يحرصُ على المبادرة الجميلة التي يتقبلها الناس بمواساته لهم حين يغيب الفرح عنهم، وعلى مشاركته مهنئاً ومباركاً مع كل لحظة فرح أو موقف يحمل تباشير السعادة، وامتداداً إلى ذلك وحيث ما كان هناك من المواطنين من يمر بحالة تستدعي أن يتحفز الأمير سلمان لأخذ الأسلوب المناسب للتعامل معها فسنجد هذا الأمير الجليل حاضراً، كما عوَّدنا دائماً على ذلك.
***
لهذا أحبَّ المواطن سلمان المسؤول وسلمان الإنسان وسلمان المواطن, بعد أن وجد في شخصه كل هذا الحضور المبهر والموقف النبيل الذي لا يغيب، والمساند الشهم له في حزنه وعند فرحه، والسخي في تفهُّم مطالبه، الحريص على حل مشكلاته، ومناصرته إن كان مظلوماً، وإعادته إلى طريق الحق إن كان غير ذلك؛ ما لا يملك الإنسان أمام ذلك إلا أن يحبه ويجله ويعطيه حقه من التقدير, فيما يبقى اسم سموه وفعله ومواقفه محفورة في ذواكرنا، نتذكرها كلما ألمّ بنا من المواقف والحالات ما يستدعي طَرْق بابه ونقل همومنا إليه، بانتظار ما عوَّدنا عليه من تفهُّم ومساندة بحسب ما يمليه الموقف أو تتطلبه الحالة.
***
وهو مع مسؤولياته الكبيرة، فإنه يسبق موظفيه ومن يعمل معه في الحضور إلى مكتبه؛ حيث يُفتح باب مكتبه منذ بواكير الصباح أمام المواطنين والمقيمين، بقلب مفتوح واستعداد كامل من سموه للإصغاء إلى ما يقوله هؤلاء، دون أن يملَّ أو يكلَّ أو يتشبع من سماع ما يريد الناس إيصاله إلى سلمان بانتظار التوجيه والحل لصاحب حاجة أو مظلمة، أو من يرغب في أن يعبِّر عن وجهة نظر أو رؤية في موقفٍ من المواقف الإنسانية، وقد لا يكون هذا المتحدث طرفاً أو شريكاً أو ذا علاقة بذلك، بينما يواصل الرجل الكبير الاهتمام والعناية والمتابعة والإصغاء لكل من يدلي بدلوه في شأن من شؤون البلاد بكل حرية، وهو على هذا النحو من الاستعداد للإصغاء والتفهُّم وحسن التعامل مع هذه القضايا وتلك الآراء ومع أصحابها، ضمن مسؤولياته القيادية وطبيعته الإنسانية.
***
لا أقول هذا عن عاطفة، وإنما أكتبه لأني على مدى أكثر من أربعين عاماً رأيت في سلمان -وعن قُرْب- ما أثار إعجابي واهتمامي وتقديري ومحبتي، فضلاً عما قرأته أو سمعته عنه، أو رأيته بنفسي رأي العين، أو سمعته بأذني من حُسْن القول في مجلس سموه، حين أكون أحد حضوره، أو كان ذلك ضمن الانطباع الشخصي لمشهدٍ عن إنجاز كبير تحقَّق بفكره وجهده - وما أكثر إنجازاته - مما سرَّ الخاطر وأنعش الأمل دائماً لبناء عاصمة عصرية نباهي بها اليوم عواصم العالم؛ فكيف بنا - إذاً - أمام كل هذا لا نطوِّق سلمان بمحبتنا وتقديرنا وفرحنا باختياره ولياً للعهد نائباً لرئيس مجلس الوزراء وزيراً للدفاع، وهو المؤهل والخيار الأفضل بخبرته وثقافته وحكمته وإخلاصه ليكون عضداً وسنداً لأخيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في تحمُّل أمانة الحكم ومسؤولية الدولة ورعاية مصالح الشعب، وبالمستوى وسقف المعطيات ذاتيهما، اللذين كانت عليهما المملكة مع السلف ملوكها وأمرائها -رحمهم الله-، الذين أعطوا وبذلوا ما نرى شواهده ومعالمه على شكل مشروعات عملاقة وإعمار جميل واهتمام غير مسبوق بالإنسان تأهيلاً وتعليماً، وبكل ما يلبي الاحتياج للمواطن في بلد يقوده عبدالله بن عبدالعزيز، ويسانده أخوه سلمان بن عبدالعزيز.