لقد رحل نايف بن عبد العزيز - يرحمه الله- رجل الأمن ورجل المهمات ورجل المواقف, ورجل الأنظمة الأمنية العادلة المؤطرة بالشرع والإنسانية وحقوق الإنسان والتي أصبحت أنموذجاً أمنياً عادلاً ليحل محل النماذج الأمنية الكريهة في دول أخرى التي تمثّلت بالتعذيب والظلم والحيف والجور.... لقد صنع نايف - يرحمه الله- نموذجاً للحل الأمني المتناسق والمتوائم مع الشرع والعدل والقضاء وحقوق الإنسان.. لقد كان رجلاً، رزيناً غير متعجل وهادئ ومتريث... لا يستعجل في الأحكام ولا القرارات حتى يستأنس بآراء الخبراء الأمنيين الثقات والعلماء الربانيين لكي لا يحدث ظلم ولا جور، بل كان يحيل الأنظمة للجان مختلفة أهمها اللجنة الشرعية والدينية لكي لا يخرج ذلك العمل عن إطار الشريعة الإسلامية، فأسس بذلك أنموذجاً رائعاً للأمن وأنظمة حديثة متوافقة مع شرع الله وحقوق الإنسان في الشريعة ولم نسمع في القضايا الأمنية الكبرى والإرهاب عن التعذيب والظلم، بل رأينا الحل الأمني الذي قضى على الإرهاب وقطع دابر المجرمين دون ظلم ولا تعذيب.. وحق لذلك الأنموذج أن يدرس في الجامعة وكراسي البحث العلمي وجامعة الأمير نايف للعلوم الأمنية التي حملت اسمه وتشرَّفت بتدريس حكمته وسعة اطلاعه ورزانته وجلباب خبرته الكبيرة في هذا المجال.
ولم يهمل صغيرة ولا كبيرة، فكان رجل السنة في حدث سنوي رائع حمل اسمه وهو: «جائزة الأمير نايف للسنة النبوية»، وكان راعياً لتحفيظ القرآن، وكان رغم انشغالاته وحجم العمل الذي يتولاه لا يهمل الجوانب الخيرية والإنسانية ولم يهمل القضايا الإنسانية لمواطنيه ولغيرهم من المسلمين.. فكان من الداعمين لجمعية مكافحة السرطان وقد تشرفت مع أعضاء مجلس إدارة الجمعية ورئيسها الفخري بالسلام على سموّه وكان معنا أطفال تعافوا من السرطان من الذين كانت الجمعية ترعاهم بتبرعات أمثال الأمير نايف وخادم الحرمين، فاحتضن سمو الأمير نايف - يرحمه الله- الأطفال واحداً واحداً ودمعت عيناه وهو يخاطبهم ويواسيهم ويشجعهم، ثم التفت إلينا وقال: الله الله في هؤلاء الأبناء وأنتم خير الناس بما تقدّمونه للمرضى.. فقلت له: هذا من فضل الله ثم خيركم وما نفعله هو اقتداء برسولنا الكريم صلى الله عليه وسلّم ثم اقتداء بكم وما تقدّمونه للوطن ولأبناء الوطن فقال لي: ما نقدّمه واجب وطني وشرف ونحن في خدمة المواطن في كل جزء من حياته، وكل من جلس معه وزاره يحظى بكريم الرعاية والتقدير ويشعر وكأنه الصديق الوحيد له.
وأذكر في مجلسه أنه كان إذا سلّم على شخص يسأله عن أبيه بالاسم ثم يثني عليه ويذكره بالخير تقديراً له. وزاره رجل ضرير فذكر له اسمه فتذكره وقال أنت ابن فلان؟ وتبسّط معه بالحديث وما هي أخبار والده ووالدته وكأنه يعرفه منذ زمن، ويذكر كبار السن مواقف إنسانية له مشابهة ورعايته لهم وتقديرهم وإكرامهم حينما يزورونه لأغراض إنسانية أو أمنية.
إن للأمير نايف - يرحمه الله- مواقف لا يسعها مقال ولا حوار، فهي تعبير عن المسئول الكريم المتواضع الغيور على وطنه وأبناء وطنه.
رحمك الله يا نايف واسأل الله لك الرحمة والمغفرة والعلو في جنات النعيم.
khodairy@kfshrc.edu.saعالم أبحاث طبية - مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض