البقاء لله، ولا يبقى للإنسان إلا ما سعى. حين يغادر الإنسان هذه الحياة المؤقتة بمدة المكوث والمؤقتة بلحظة القدوم والمغادرة، يرحل وليس معه منها سوى سجل أعماله. من عاداتنا المتأصلة عندما يغادرنا شخص كبير أن يتسابق الكثيرون حول تركيز عواطفهم التأبينية على تعداد مناقب الفقيد، بينما هو في الحقيقة قد أصبح في غنى عن كل ذلك، وما عاد محتاجا إلا إلى أن يطلب له المغفرة وجزيل المثوبة من أحسن إليهم وأن يسامحه ويبيحه من قد يكون عن غير قصد أو عن سوء فهم قد سبب لهم شيئا من المعاناة والأسى. التركيز على تعداد مناقب الراحلين لا ينفعهم بقدر ما قد يدخل السرور والرضى على قلوب أسرهم ومحبيهم.
بالأمس غادرنا إلى رحاب الله مسؤول الأمن الأول في الدولة، غادر هكذا فجأة وبدون ألقاب أو مناصب أو أي متعلقات من متاع الحياة الدنيا، وليس معه سوى ما قدمت يداه من أعمال، نسأل الله له ولنا أن ترجح فيها كفة الحسنات والأعمال الصالحات.
فيما يخصني كمواطن يرى في الأمن أهم مرتكزات الحياة، أحسب أن من أكبر وأجل أعمال الراحل نايف بن عبدالعزيز رأيه السديد وبأسه الشديد في ملاحقة الإرهاب بكل الإمكانيات المتاحة حتى تقطعت بالإرهابيين السبل في بلادنا واضطروا إلى الهروب منها إلى بلدان أخرى حاولت استعمالهم كورقة سياسية فانفجرت في وجهها وأهلكتها.
يكفيني من نايف بن عبدالعزيز إنجازه في حفظ الأمن في أحرج لحظات التاريخ، وحفظ الأمن في بلد بهذه المواصفات الجغرافية والاجتماعية هو بالفعل من أضخم الإنجازات. من أجل إنجازه هذا على وجه الخصوص أقف مع المودعين طالبا له الرحمة والمغفرة عند ربه الذي سوف ينشر بين يديه كامل سجل أعماله.