زماننا المُرتجف من إنفلونزا الخوف والإرهاب، والسرعة، والبطالة، وهشاشة الدول، والبطالة، في معنى ما. وسط هذا الانحطاط اللا نهائي، كان لا بدّ من وجود مَنْ يُسمّي الأشياء باسمها.
عرفته منذ تسنّم منصب نائب وزير الداخلية.
كان لسان حاله يُردّد، بشكل عملي فعلي، على أرض الواقع: أعيبٌ الحقيقة؟ أعيبٌ الإيمان؟ أعيبٌ النبل؟ أعيبٌ العطاء؟ هل العتمة هي المُرتجى؟ الكذب، المُراوغة، الخداع، السوقية.. هي الهدف المطلوب؟
كان يرى نوافذ الضوء أمامنا بالألوف. آيات الجمال والحق تُلاحقنا بالملايين.
سمعته أكثر من مرّة يُبدي ملاحظة بسيطة: رجاءً! اعدلوا مع أنفسكم، ومع الآخرين؟
كان من أولئك النادرين في التاريخ، من الأحرار والطيّبين، بسّامي الوجوه، وباسطي القلوب، من ذوي العقل النافذ.
لم يضع الحقيقة يوماً خلفه. أعْلى صوتها في كل مسألة معقدة، من غير أن يُسفّل بكلماتها. لم يحدث يوماً أن أهان ضعيفاً، ولا استقوى عليه.
لم يكن إلا رجل دولة. قناة وسيطة لحكاية وطن أكبر منه عمراً بكثير.
لم أعرفه قلقاً منذ أربعين عاما.
فكرتُ: لماذا يقلق، وهو مؤمن بأن الله تعالى وهبه الحكمة.
كان ممن يُجيد فتح نوافذ العقل على العاطفة، وأبواب الواقع على المخيلة.
آمن، منذ بدء تكريسه حياته للشأن الوطني العام، أن عليه، على نهج أبيه الملك عبد العزيز، الإسهام في نقل المجتمع السعودي من طور القبلية الحجري، إلى عصر المجتمع الحديث، الذي يشعر فيه كل مواطن بأنه مسؤول عن المجموع، وأن المجموع مسؤول عن الفرد، بل عن كل حجرة وشجرة وموجة ونسمة هواء.
ركب أعلى موجات الحلم بوطن عظيم، فاحتضن الخير والحق، واحتال على الشر والحسد.
ذهب، دوماً، إلى الحب، إلى الحياة، إلى الوطن، حتى عندما كان يسود العالم والمنطقة الحقد والموت والتفكك.
تشبّث بحضن الوطن واستقراره، ومحبة أهله. تعلّق بصدر الوطن وتعاليه على الجراحات وأعمال الإفك والإرهاب والطمع فيه. استعان بعمق دراسته للتاريخ الإنساني في تهدئة البراكين والعواصف من حول الوطن.
أراد لهذا الوطن أن يصير ما يحلو له أن يصير: وطناً يستحق مستقبل أبنائه. وطناً للضمير. وطناً يجد مكانه على خارطة الكرامة البشرية، طارداً من ذاته ما يتنافى مع مفهوم الضمير، من أجل بيان واحد يُشكل المانيفيست اللا مُتنازع عليه لعيش الحياة الكريمة.
المعيار الذي عاش فيه، ومن أجله، نايف بن عبد العزيز، هو البُعد الأخلاقي، وليس المبدأ اللغوي، كما ذهب أرسطو..
هذه الشيفرة الغامضة، لا يميط النطق اللثام عن حقيقتها، بقدر ما يكشف البعد الأخلاقي جانباً من هويتها الدينية، وعلاقة هذه الهوية - بالتالي - مع الخالق.
آمن نايف بن عبد العزيز أن كل شيء في هذا العالم.. وسيلة، إلا الإنسان، الذي وحده في هذا الكون.. غاية.
آمن نايف بن عبد العزيز أن كل ما من شأنه أن يقودنا إلى الحقيقة، ليتحقق لنا الخلاص هو رسالة الله المُعنونة في الآيات الكريمة باسم.. الرحمة.
Zuhdi.alfateh@gmail.com