قد تكون الخطوط السعودية إحدى أكثر الجهات التي يتفق كثيرون على تراجعها المخيف على مستوى الخدمات والمواعيد وفتح خطوط سير جديدة، لذلك يكون من العبث أن يدافع عنها أحد، حتى لو كان الرئيس الملحم نفسه، لأنه حتماً يشعر بما يحدث في مؤسسة الناقل الوطني من مشاكل، وهو بلا شك يفكر كثيراً كيف يمكن التقدم فيها ولو بشكل نسبي، أما أن يتحدث مدير الخطوط في الرياض الأستاذ عبدالعزيز الدغيثر بهذه النبرة تجاه المستفيدين من الخدمة، ويصفهم بالحقد والجهل، فهو أمر مشين، ولا يليق بمسؤول أن يطلقه على من ينتقد أداء عمله، مهما كانت نبرة الانتقاد وأسلوبه.
يعترض الدغيثر على مقارنة أداء شركات الطيران الخليجية وتطورها بالخطوط السعودية، ويحاول إقناعنا بأن السعودية تخدم في ثلاثين مطاراً إقليمياً داخلياً، مما يجعل الخطوط السعودية مشغولة بالطيران الداخلي، ولا تستطيع تطوير طيرانها الخارجي، بينما خبراء الأعمال والتسويق يرون أن تلك تعد فرصاً رائعة للأرباح، خاصة إذا كانت سوقاً احتكارية كما هو وضع الخطوط السعودية، فلا منافس لها في الداخل، مما يجعل فرصة كسبها أكبر من حالات وجود شركات منافسة، وهو الأمر الذي يحدث لها في الطيران الخارجي، حيث أصبحت هي آخر خيارات المواطن السعودي المسافر للسياحة خارج البلاد، وقد لا يلجأ إليها إلا من لديه تذكرة حكومية، فيجد نفسه مضطراً إلى استخدامها، علماً بأنه حتى الموظف الحكومي أصبح يبحث عن استرجاع مبلغ التذكرة أو تحويلها، مقابل أن يستخدم الخطوط الأجنبية الأخرى.
ولعل من تبريرات الدغيثر المضحكة، لخسائر الخطوط التي تخدم 20 مليون مسافر أن الخطوط، بشكل عام، تخسر إما لتحديث الأسطول أو تحديث الأنظمة، أو بسبب حدوث كوارث طبيعية تسبب خسائر مادية غير متوقعة، والسؤال: أي الأسباب الثلاثة التي سببت خسائر السعودية، أرجو ألا تكون الكوارث الطبيعية حمى الله بلادنا منها؟
ولعل الكارثة في تصريحه حين يتحدث عن رئيسه المهندس الملحم، بقوله إنه يعمل لصالح الشركة ولرفع سمعة البلد، وليس لأمور شخصية، ثم يضيف: الملحم باختصار لا يبحث عن أي مكتسبات شخصية لأنه سخي وشبعان قبل أن يأتي إلى الخطوط السعودية!
ولا يمكن للمرء أن يتخيل أنه يتحدث عن رئيس شركة، لا عن شيخ قبيلة، فالسخاء والأعطيات هي صلاحيات شيخ، لأن مدير الشركة يفترض أنه يصرف حسب الأنظمة والمعايير التي تحكم عمل هذه الشركة، لا حسب طبيعته وجزالته، فهذه أمور عملية تحكمها شروط محددة، وتخضع لها ميزانيات تمر من جهات محاسبية رقابية، أما مسألة الشبع فهي إشارة خطيرة جداً، قد لا تحتمل مني الشرح أكثر، لأن معظم القراء، وفي زمن الإعلام الجديد، أصبحوا يدركون كل ما يحدث من مجرد إشارة أو تلميح غير مباشر.
أتمنى أن تسعى الخطوط السعودية، بكل قياداتها العليا، أن تبحث بشكل جاد عن مواطن الخلل في عملها، وأسباب خسائرها بكل شفافية ووضوح، والبحث في المستقبل للمنافسة بقوة، كما كانت قبل عقدين من الزمن، وقبل كل ذلك، تعيين متحدث رسمي باسمها، كي لا نفاجأ بتصريحات من عيار: من يقارننا بالشركات الخليجية حاقد أو جاهل!