|
عمان - رشيد الشنطي:
أكد الدكتور زياد فريز محافظ البنك المركزي الأردني ورئيس مجلس الإدارة أن الأردن قادر على مواجهة التحديات الاقتصادية وأبرزها معالجة عجز الميزانية واختلالات الحساب الجاري وذلك بفضل السياسات المدروسة التي يجري تنفيذها حالياً. وأشار فريز إلى سلامة أوضاع البنوك الأردنية حيث أظهرت بيانات المؤشرات المالية للقطاع المصرفي الأردني في نهاية عام 2011 بأن البنوك في الأردن تتمتع بنسب كفاية رأس مال بلغت 19.6% في نهاية عام 2011 وهي أعلى من الحد الأدنى المستهدف من قبل البنك المركزي والبالغ 12% والحد الأدنى لمتطلبات بازل II والبالغ 8%.
وتوقع د. فريز أن يسجل الاقتصاد الأردني نمواً حقيقياً بنسبة قد تصل إلى 3% خلال عام 2012 مدفوعاً بطلب خارجي قوي خاصة في مجال السياحة. وقال فريز: إن المملكة تسعى لتبني برنامج متوسط المدى للإصلاح الاقتصادي من خلال تعزيز مبدأ الاعتماد على الذات وتحقيق النمو الاقتصادي المستدام. وأوضح فريز أن الأردن قام بتبني العديد من الإجراءات في مجال الإصلاح الاقتصادي بهدف خلق بيئة جاذبة للاستثمارات الأجنبية ومحفزة للاستثمارات المحلية.
أبرز التحديات
وحول أبرز التحديات التي ما زالت تواجه الاقتصاد الأردني قال د.فريز: إن التحولات السياسية والاضطرابات الاجتماعية التي تشهدها دول المنطقة ومعاودة ارتفاع الأسعار العالمية للسلع الأساسية، وخاصة أسعار الطاقة التي تزامنت مع انقطاع إمدادات الغاز الطبيعي من مصر، اختلالات كبيرة تمثلت باتساع فجوة عجز الحساب الجاري لميزان المدفوعات وتفاقم عجز الموازنة العامة بحيث أصبحت مسألة معالجتها التحدي الأبرز الذي يواجه الاقتصاد الأردني، والذي يضاف إلى تحديات أخرى لا تقل أهمية تتمثل بتباطؤ النمو الاقتصادي وارتفاع معدلات البطالة متأثرة بتأخر تعافي الاقتصاد العالمي من الأزمة المالية والاقتصادية العالمية والتي تتطلب مزيداً من السياسات والإجراءات وتكاثف الجهود بما يكفل تحقيق النمو الاقتصادي المنشود.
وفي معرض حديثه عن الحلول المطلوبة قال د.فريز: إن الإجراءات المطلوب تنفيذها يجب أن تتم من خلال تبني برنامج وطني شامل متوسط المدى للإصلاح الاقتصادي يأخذ بعين الاعتبار الظروف والمستجدات الاقتصادية والاجتماعية، ويعزز مبدأ الاعتماد على الذات ويهدف إلى تحقيق النمو الاقتصادي المستدام ويتعامل بكل جدية ومصداقية وشفافية مع التحديات التي تواجه الاقتصاد الأردني. وأوضح بدوره: أرى وجوب اتخاذ الإجراءات ذات الأولوية لضبط النفقات الجارية وزيادة حصيلة الإيرادات المحلية بهدف تخفيض العجز المتنامي في الموازنة العامة، بما يسهم في تعزيز مصداقية الإصلاح الاقتصادي في الأردن وزيادة ثقة المدخرين والمستثمرين في الاقتصاد الوطني،ونحن في البنك المركزي نعمل بكل جهدنا للحفاظ على الاستقرار النقدي، والحفاظ على هيكل أسعار فائدة يتناسب مع الوضع الاقتصادي ويضمن نمو الاستثمار الموجه إلى القطاع الخاص. وقد تقدم البنك المركزي بعدة مبادرات تهدف إلى توفير التمويل المناسب للقطاعات الاقتصادية ذات الأولوية كالشركات الصغيرة والمتوسطة والقطاع الصناعي بكلف معقولة.
العمالة الأردنية
وعن أهمية ودور العمالة الأردنية في الخارج في الاقتصاد الوطني قال د. فريز: لا توجد إحصاءات رسمية لأعداد الأردنيين العاملين في الخارج، إلا أن بعض التقديرات تشير إلى أن أعدادهم قد تصل إلى 600 ألف شخص يعمل معظمهم في دول الخليج العربي. وأضاف أن العمالة الأردنية في الخارج تشكل مورداً اقتصادياً رئيسياً لتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة.
وأوضح د.فريز أن تحويلات العمالة الأردنية في الخارج تعتبر أحد أهم مصادر العملات الأجنبية للمملكة، وتساهم في تعزيز احتياطيات المملكة من العملات الأجنبية، ودعم ميزان المدفوعات وزيادة القدرات الادخارية المحلية. ولقد تأثرت تحويلات الأردنيين العاملين في الخارج خلال العامين الماضيين بالأزمة الاقتصادية والمالية العالمية وبالظروف الإقليمية غير المواتية، إذ تراجعت تحويلاتهم من حوالي 3.7 مليار دولار في عام 2010 إلى نحو 3.4 مليار دولار في عام 2011، في حين سجلت خلال شهر أبريل زيادة طفيفة نسبتها 0.5% ليصل إجمالي التحويلات خلال الثلث الأول من هذا العام حوالي 1.1 مليار دولار، ونأمل أن تستقر الأوضاع في المنطقة العربية لتعود التحويلات إلى سابق عهدها وتسهم في تحريك النشاط الاقتصادي في المملكة.
الأداء الاقتصادي
وقيم د. فريز أداء الاقتصاد الأردني خلال العام الماضي بالقول: رغم التحسن الطفيف في النمو الاقتصادي في المملكة والذي أظهر تعافياً تدريجياً في أدائه، إذ سجل الناتج المحلي الإجمالي نمواً حقيقياً في عام 2011 بلغ 2.6% بالمقارنة مع 2.3% في عام 2010، إلا أن وتيرة النمو المسجلة لا تزال أقل من المستوى المرغوب. وقد تأثر النمو في العام الماضي بالحراكات الاجتماعية والسياسية في بعض دول المنطقة، وبالأزمة المالية في منطقة اليورو إلى جانب ارتفاع أسعار النفط والسلع الأساسية في الأسواق العالمية. وأضاف: وبالرغم من تواصل حالة عدم الاستقرار السياسي في المنطقة، والتي قد تؤثر بشكل مباشر على حجم الاستثمار، إلاّ أن الاقتصاد الأردني قادر على تجاوز هذه التحديات وذلك بفضل السياسات الاقتصادية السليمة التي تم تبنيها، هذا إلى جانب عامل الاستقرار الذي ينعم به الأردن مقارنة بالأوضاع السائدة في المنطقة. في حين نتوقع أن يسجل الاقتصاد الأردني نمواً حقيقياً بنسبة 3.0-2.8% خلال عام 2012 مدفوعاً بطلب خارجي قوي خاصة في مجال السياحة.
ومن جانب آخر قال د. فريز: أما بخصوص التسهيلات الائتمانية المقدمة من البنوك في الأردن، فقد نمت في عام 2011 بنسبة 9.7%، حيث استحوذ القطاع الخاص على نحو 93% من هذه الزيادة. إضافة إلى ذلك، فقد نمت هذه التسهيلات خلال الربع الأول من العام الحالي بنسبة 4.9% مقابل 4.3% خلال نفس الفترة من العام السابق.
وفيما يتعلق بالودائع، فقد نمت خلال عام 2011 بنسبة 8.3% مقابل 10.9% خلال عام 2010. وخلال الربع الأول من هذا العام، فقد نمت الودائع بنسبة 1.7% مقابل 1.0% خلال نفس الفترة من عام 2011.
وعلى صعيد المالية العامة، فقد بلغ عجز الموازنة العامة خلال عام 2011 ما نسبته 6.8% من الناتج المحلي الإجمالي، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع نسبة الدين العام كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي.
التشريعات القانونية
وشدد د. فريز على الدور المهم الذي تلعبه التشريعات القانونية في تهيئة البيئة الاستثمارية في المملكة. وقال: إن الأردن قام بتبني العديد من الإجراءات في مجال الإصلاح الاقتصادي بهدف خلق بيئة جاذبة للاستثمارات الأجنبية ومحفزة للاستثمارات المحلية. وضمن هذا الإطار أولى الأردن الجانب التشريعي اهتماماً كبيراً، حيث يتمتع الأردن بنظام قانوني متقدم خضع لمراجعة وتحديث كبير في السنوات الأخيرة. وقد تم تعديل كثير من القوانين القديمة أو تم استبدالها للسماح للمملكة بمواكبة المعايير والإجراءات والأطر القانونية في البلدان المتقدمة الأخرى في مجال تقديم الحماية القانونية الأفضل للمستثمرين.
ووفقاً لحديث للدكتور فريز تنبه الأردن مبكراً لأهمية حقوق الملكية الفكرية والتي تعتبر أداة قوية للنمو الاقتصادي من خلال توفير الحماية للمشروعات والصناعات في مختلف القطاعات، وعلى أثر ذلك اصدر عدة قوانين تهدف إلى توفير الحماية الفكرية أبرزها قانون العلامات التجارية، وقانون براءات الاختراع، وتتفق هذه القوانين مع اتفاقية منظمة التجارة العالمية بشأن الجوانب المتصلة بالتجارة والخاصة بحقوق الملكية الفكرية.
أوضاع البنوك
وقال فريز: إن أوضاع الجهاز المصرفي الأردني سليم ويتسم بالمتانة والاستقرار. وقد أسهم تنوع الأنشطة والخدمات التي يقدمها في الحد من تأثره بتداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية. وبذلك تمكنت البنوك الأردنية خلال العاميين الماضيين من تحقيق نتائج إيجابية على أكثر من صعيد بالإضافة إلى تسجيلها أيضا معدلات سيولة عالية وصلت إلى 152.9% والتي تعزز من ملاءتها المالية وقدرتها على مواجهة أية صدمات خارجية كانت أم داخلية. أما بالنسبة لنسبة الديون غير العاملة، فبالرغم من ارتفاعها إلى نحو 8.5% في نهاية عام 2011 نتيجة للظروف الاقتصادية السائدة، ما زالت هذه النسبة ضمن الحدود المقبولة، هذا علاوة على توفير البنوك لمخصصات كافية تقابل هذه الديون.