من الضروري الحديث مرة أخرى عن أهمية وجود إستراتيجية وطنية متكاملة للطاقة السعودية تحافظ على مكانة المملكة العربية السعودية في خريطة الطاقة العالمية كأكبر مصدر للطاقة في العالم سواءً الطاقة الأحفورية (النفط والغاز)، كما هو الحال في الوقت الحاضر أو الطاقة البديلة والمتجددة بالإضافة إلى الطاقة الأحفورية على المدى البعيد. لقد سبق لي ولبعض المهتمين في هذا المجال الحيوي الكتابة عن هذا الموضوع الإستراتيجي، حيث تم التشديد على بيان أهمية هذه الإستراتيجية التي يجب أن تكون متممة للإستراتيجية الوطنية للنفط والغاز التي يشرف عليها مجلس البترول الأعلى برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز –حفظه الله- وأنه يجب أن تتناول هذه الإستراتيجية كل ما يتعلق بأنواع الطاقة المتوفرة والمنتجة والمستخدمة حالياً ومستقبلاً بما فيها الطاقة البديلة كالطاقة النووية والطاقة الشمسية وطاقة الرياح التي يمكن أن تستخدم في المستقبل لتلبية زيادة الطلب المحلي على الطاقة وتوفير جزء كبير من البترول المستهلك محلياً للتصدير وتصدير الفائض منها للخارج. والسؤال المهم الذي قد يعني القارئ الكريم هنا يتمثل في معرفة الأمور التي يجب أن تحتوي عليه هذه الإستراتيجية.
أعتقد أن هذه الإستراتيجية يجب أن تكون شاملة لجميع التحديات التي تواجهها وسوف تواجهها صناعة الطاقة السعودية في المستقبل بما فيها زيادة الاستهلاك المحلي وترشيد الطاقة المهدرة ورفع كفاءة إنتاج واستهلاك الطاقة بأنواعها. وأذكر هنا بعض النقاط التي يجب أن تتضمنها هذه الإستراتيجية:
1- تحسين أمن الطاقة الأحفورية في المملكة العربية السعودية على المدى البعيد عن طريق إجراء ودعم برامج البحث العلمي خاصة في الجامعات التي تدرس هندسة البترول للعثور على المزيد من النفط والغاز لزيادة الاحتياطي الإستراتيجي للمملكة وزيادة نسبة استخلاص البترول والغاز من الحقول المكتشفة.
2- إجراء البحوث لرفع كفاءة إنتاج الطاقة نتيجة لعملية حرق النفط والغاز بما فيها تحسين كفاءة استخدام البنزين والديزل في السيارات والشاحنات وإجراء أبحاث لتوليد الطاقة عن طريق الهيدروجين وخلايا الوقود المستخرجة من النفط والغاز.
3- إجراء البحوث لتطوير وتعزيز مصادر الطاقة البديلة النظيفة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح ودعم إنشاء هذه التخصصات الجديدة ودعم برامج البحث العلمي المتعلقة بها.
4- المساهمة في مكافحة تغير المناخ العالمي والاحتباس الحراري، والتصدي لأية نظرة سلبية تتحدث عن أثر النفط والغاز ومصادر الطاقة الأحفورية على البيئة من خلال إجراء الأبحاث لتطوير تقنيات جديدة لعزل الكربون وتقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتج من عملية احتراق البترول والغاز وحقن هذا الغاز الملوث في باطن الأرض للتخلص منه.
5- إيجاد وتطبيق التشريعات المحلية والدولية المتعلقة بمصادر الطاقة البديلة المتجددة بما في ذلك دعم تطوير ونمو وإزدهار هذه الصناعة محلياً بما في ذلك إعطاء حوافز للاستثمار خاصة بما يتعلق بتطبيقات ومشاريع مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
6- وجود قاعدة بيانات لعمليات الإنتاج والتوزبع والاستهلاك لجميع أنواع الطاقة, تستخدم من قبل االباحثين في الجامعات والدوائر الحكومية لتطوير وتحسين الإستراتيجيات المطبقة لما يخدم مصلحة بلادنا الحبيبة والأجيال القادمة.
7- الاهتمام برفع كفاءة استخدادات الطاقة بجميع أنواعها وتثقيف المجتمع السعودي والقيام والإشراف على حملات ترشيد الطاقة.
الحقيقة أن جميع النقاط المذكورة آنفاً تحتاج إلى تفصيل دقيق من قبل مختصين. ويبقي لي قبل أن أنهي هذا المقال المختصر أن أذكر أنه من الضروري جداً أيضاً وجود هيئة حكومية أو شبه حكومية (قد تكون جزءاً من وزارة البترول والثروة المعدنية) تكون مسؤوليتها تطوير ومراقبة تنفيذ ومراجعة هذه الإستراتيجية التي -بإذن الله- سوف تقود صناعة الطاقة السعودية إلى مستقبل زاهر وتوفير الرفاهية لأفراد هذه الأرض الطاهرة على مدى مئات السنين.
www.saudienergy.net