بريشته الساحرة جسَّد الرسام الماهر والظاهرة في عالم الكاريكاتير الرياضي رشيد السليم العلاقة الأزلية غير المحمودة بين سامي وبين شريحة بائسة من الوسط الرياضي - إعلاماً ومشجعين - .. منذ كان لاعباً حتى تحوَّل إدارياً ناجحاً ويتأهب للارتقاء ليكون مدرباً .. فظهر الحاسد وهو يشد شعره حنقاً وغضباً .. هكذا جسَّد الكاريكاتير واقع العلاقة .. فاختزل ما يُقال في مقالات برسمة بسيطة معبرة .. لست بصدد فتح ملفات أو أعود للماضي لتقديم تقرير أو سرد تاريخي لحروب واجهها هذا اللاعب العالمي .. وما زالت تُوقد كل فترة بسبب الميول والغيرة والحسد .. ولكن مقدمتي تمهيد لما هو آتٍ .. إعلان سامي الجابر انضمامه كمساعد ممرن في نادي أوكسير الفرنسي .. نكأ الجروح وجدد الطعون .. فحمي الوطيس وثارت ثائرة القوم .. وانطلقت حفلة من التهكم والسخرية كما هو متوقع .. سامي الجابر لا يتميز فقط بكونه موهوباً كروياً سطَّر إبداعاته داخل المستطيل الأخضر .. فالموهبة قد تتكرر .. ولكن صاحبها يموت رياضياً في منتصف الثلاثينيات وينطفئ وتختفي أخباره ويصبح في الهامش .. سامي كان مختلفاً وقليل هم.. فعدا عن كونه يتمتع بذكاء اجتماعي.. فهو شخص طموح عالي الهمة لا يُوجد في قاموسه شيء اسمه القناعة والاكتفاء.. لديه جرأة غريبة وروح المغامرة.. وكأن بيت الشعر التالي قيل فيه:
ومن يتهيّب صعود الجبال
يعش أبد الدهر بين الحفر
والكثير وربما الجميع لديه الطموح والأحلام .. لكنها لا تتحقق لأننا نفتقد الجرأة وروح المغامرة .. لذا سامي لم يتردد في تسديد ركلة الجزاء التي كسبها أمام المغرب في أول ظهور له في كأس العالم.. وتقدم متحمّلاً المسئولية الرهيبة وهو على يقين أنه لو أضاعها لربما ضاعَ مستقبله الرياضي.. بعد اعتزاله كان يمكن له أن يكتفي بكونه محللاً مرموقاً في قناة الجزيرة الشهيرة مع كبار المحللين بالعالم .. أو مديراً بنادٍ كبير متزعم قارته الصفراء كالهلال .. وهي مناصب تضعه تحت ضوء الإعلام وتدر عليه الكثير من المال .. ولكن طموحه ليس له حدود أو سقف أعلى .. فهو رسمَ مستقبله لأن يكون مدرباً مرموقاً .. وكم للمدربين الآن من قيمة ومكانة كبيرة وكم ارتفع سعرهم وغلا ثمنهم .. بل المدرب يتميز عن اللاعب أنه لا يحده عمر أو سن للعمل .. فالمدرب قد يصل للسبعين ويتجاوزها وهو في أرض الملعب .. وذهابه إلى نادي أوكسير الفرنسي دون الاهتمام بالمردود المالي يُحسب له لا عليه .. فهو يغامر بوقته وماله مؤقتاً لهدف كبير يبحث عنه .. وهي روح المغامرة التي تحدثنا عنها آنفاً .. يضحي بحثاً عن زيادة خبراته ولإثراء تجاربه وتطوير قدراته .. وربما تحدث للمرة الأولى رياضياً أن يذهب شخص إلى أوربا ليعمل كمساعد مدرب دون النظر لما يحصل عليه من حوافز .. وهي تشابه التجربة اليابانية في تقديم لاعبيهم للدوريات الأوربية بمبالغ زهيدة أو حتى دون مقابل وقد يدفع للنادي الأوربي ليقبل به وتُتاح الفرصة لإظهار مواهبهم في السوق الرياضي الأوربي .. والآن بلغت قيمة العقود المقدمة للاعبين يابانيين إلى 20 و15 مليون يورو .. ونادي أوكسير لن يقبل بجلوس شخص على دكة الفريق في مبارياته لولا ثقته بأن لديه ما يقدمه .. فهو سيلتحق بالجهاز التدريبي بعقد رسمي يُودع لدى رابطة المحترفين الفرنسية .. حتى جماهير النادي ستُحاسب الإدارة على تعاقداتها إذا لم يحقق النادي أهدافه المرسومة في الموسم القادم .. أما من ثارت ثائرتهم بحجة أن سامي لم يفصح عن بنود العقد، بل واتهامه بالكذب .. فهم أناس (حشريين ملاقيف) .. يدسون أنوفهم في المكان الخطأ .. فحجب المعلومة ليس كذباً ولكنه نوع من التحفظ والسرية في العمل .. وأين العقد الرياضي الذي كشفت بنوده على الملأ؟ فهذا ديدن الرياضيين وعقودهم .. العالمي سامي بدأ مغامرته .. ولننتظر نهايتها؟
سامي أو زلاتكو
تحيط إدارة الهلال بقيادة رئيس النادي تحركاتها بالحيطة والحذر فيما يتعلق بالمدرب الجديد والمحترفين الأجانب .. قبل أيام كان الرهان بين البلجيكي جيرتس والأرجنتيني خورخي سامباولي .. الحديث الآن عن أن جيرتس أسقط من الحسابات بحجة أن الاتحاد المغربي جدد الثقة به .. مع أني شخصياً لا أستبعد أن تحصل المفاجأة بقدومه .. بالنسبة لخورخي فغير واضح مسار التفاوض معه .. مع أن أنباء تشير إلى أنه تم الانتهاء معه وبقي الإعلان .. وإضافة لما سبق بدأت الآن تطفو أخبار أن الهلال وضع عينه على مدرب الأهلي المصري السابق مانويل جوزيه .. وإن كنت لا أعتقد أن إدارة الهلال ستحضر مدرباً هرماً مستهلكاً أعطى ما لديه ورجل في الدنيا ورجل بالقبر فضلاً عن أنه شخص مغرور وذو شخصية متغطرسة .. وربما الخبر هو (طُعم) رمت به الإدارة لإشغال الإعلام .. إذا ضاقت الأرض على الإدارة وتقلصت الخيارات .. أعتقد أن على الإدارة الاستعانة بالكرواتي زلاتكو فهو مدرب شاب وطموح يعرف أسرار الدوري السعودي وما حوله .. وتوفر الإدارة بضعة ملايين من اليوروات تدعم بها بند تجديد العقود.. أو استعادة سامي الجابر من أوكسير والاستعانة به .. وهو الذي نجح مع بونان في مسابقة كأس ولي العهد أو الجمع بين زلاتكو وسامي.. أو دراسة فكرة إحضار المدرب فوساتي المنتهي عقده مع السد القطري.. فما زال لدى الإدارة خيارات كثيرة.
حسابي في (تويتر).. @salehhenaky