رواية د. بدرية تعد من روائع الأدب الاجتماعي ومن نوادره المسكوت عنها تاريخيا. وأما بعض التعبيرات غير المقصود ظاهرها اللفظي، فقد أُتهم من قبلها على نفس النمط الدكتور عبد الله الغذامي. وإن كان بعض من بسطاء قطر قد استخفهم هبال الصحوة الذي تعديناه فالتقطوه هم اليوم، فهلا ابتدأوا أولا بشيخهم القرضاوي وقد استخف بجلال الله وعظمته علانية -ولم يعتذر إلى اليوم - وقد افتى الشيخ العثيمين رحمه الله بردته ووجوب محاكمته من ولاة الأمر.
بين بدرية ومعارضيها:
عجيبة هي بدرية البشر، فلها في كل شئونها تجديد. حدثت الدكتورة بدرية البشر بالمسكوت عنه اجتماعيا في رائعتها الأدبية «هند والعسكر»، فكشفت عن سطحية عقول وعن تبعية غوغائية وعن منطق هزيل ونفوس مريضة. فهي لا تقبل بأن تغطي الأخطاء والمفاسد والمساوئ. فالإصلاح لا يمكن تحقيقه إن لم ندرك الحقيقة أولا ثم نحدد حجم المشكلة ثم تأتي بعد ذلك أهم نقطة في أساسيات الإصلاح وهي الاعتراف بهذه المآخذ والمفاسد بصورتها الحقيقية لا المزورة ولا المُحسنة ثم بعد ذلك تأتي مرحلة البحث عن الحلول والإصلاح. ولو كانت بدرية من المستنفعة أو ممن ينتصر لنفسها ولقضيتها -قضية الدفاع عن حقوق المرأة- على حساب دينها ومجتمعها، لما تحدثت بما تحدثت به لكي لا يُتخذ منه حجة يرفعه معارضوها ممن اعتادوا أن ينظروا إلى المشكلة لا إلى الحل، ومن سطحيي العقول وعيي الفكر. إخلاص بدرية وصدقها جعلها تكشف عما قد يُتخذ ضد قضيتها التي تناضل دونها، بينما بعض معارضيها يسكتون عن المفاسد والمآخذ والأحقاد والمساوئ والخداع والكذب المنتشر في بعض البيئات التي ينتسب لها هؤلاء وبعض معارضيها لا يجرؤن على البوح ببعض المسكوت عنه في بيئاتهم وما فيها من المفاسد والمساوئ والأكاذيب لكي لا تضيع أفكارهم عند البسطاء من السذج من الناس الذين يظنون فيهم خيرا. ولو كنت روائيا لكتبت رواية على نمط معارض لرواية هند والعسكر وأسميتها «الشيخ والأتباع».
بين بدرية والقرضاوي:
ذهبت طفرة البترول فانشغلنا نحن السعوديون بالصحوة حتى إذا صحونا على الواقع جزئيا، جاء بعض القطريين الذين اتخمتهم النعم فبدئوا من حيث انتهينا منه. أرادت بدرية أن تنزه الله سبحانه عن الصورة المليئة بالغضب والخالية من الرحمة التي يرسمها بعض الأهل للأطفال الصغار، فخانها التعبير الأدبي، والله الله فمقام الله مقام عظيم. ولو توضح د. بدرية الصورة في مقال أو نحوه وتصحح العبارة في الطبعة الثانية فذاك أليق بصدقها وإخلاصها. وما كان لها أن تكترث بفهم بعض العقول إذا ما وضحت مقصدها، فالمقام مقام الخضوع والتذلل بين يدي رب السموات والأرض لا إله إلا هو سبحانه وتعالى، لا مقام النزول إلى عقول الأتباع السذج.
بدرية كاتبة روائية أدبية قد لا تدرك بعض الأمور العقائدية، وقد كان قصدها تنزيه الله عن ما لا يليق به وهذا واضح من سياق القصة ولكن خانتها العبارة الأدبية، فأين القطريين عن شيخهم القرضاوي حيث ساوى الله مع الحكومة اليهودية في حمده وثنائه عليها وأنزله منزل الانتخابات - سبحانه وتعالى علوا كبيرا- حيث قال في نتائج الانتخابات الإسرائيلية «العرب كانوا معلقين أمالهم على بريز وسقط بريز ونتمنى أن تكون بلادنا مثل هذه البلاد وهذا ما نحمده في إسرائيل فليس هناك التسعات الأربعة أو الخمسة 99.999%، لو أن الله عرض نفسه على الناس ما أخذ هذه النسبة، ما هذا الكذب والخداع نحي إسرائيل على ما فعلت». والشيخ القرضاوي أتى بلفظ «لو» وهذا يعني أنه يقصد أن الله جل شأنه لم يفعل فلا مكان للدفاع عن الشيخ القرضاوي -كما يفعل أتباعه- بقولهم إن قصده أن هناك من أسلم وهناك من كفر. والشيخ القرضاوي رجل دين ويفهم الحساسية العقائدية في قوله هذا، ورجل لغة عربية ويفهم معنى «لو». ولو أراد الشيخ القرضاوي القصد الآخر لقال «إن الله قد عرض» وليس «ولو أن الله عرض»، على أن الجملة ما تزال غير لائقة في حق الله سبحانه وتعالى في كلا الحالين. والقرضاوي رجل سياسية، لذا لم يتعذر عما بدر منه لأنه يعرف أن البسطاء والأتباع عمي صم بكم في حقه، فما الداعي لتبصيرهم وإسماعهم وإنطاقهم.
الدين والدنيا:
على نحو من الهجوم على د. بدرية، هوجم الدكتور عبد الله الغذامي من قبل في بدايات هبال الصحوة، وها هو كما هو صادق مخلص، وأما معارضيه وأتباعهم فها هم اليوم كما كانوا بالأمس، يتقاتلون على الدنيا ويحرفون الدين ويكذبون في الحديث من أجل التقاط بعض من فتات موائد الشركات والعقارات والوظائف، فالمسكوت عنه وأن من دجاجلة الدين من يشغل الناس بالصراع مع غيره لكي لا يظهر عوره وبجره للناس.
hamzaalsalem@gmail.com
تويتر@hamzaalsalem