منذ إعلان أنقرة دعمها للثورة الشعبية السورية والمطالبة بإسقاط الأسد عن قيادته النظام البعثي العلوي في دمشق ومستوى العلاقات التركية الإيرانية تأثر بشكل مباشر بين البلدين، وأخذ في التوتر والتشنج بمؤشرات الخطاب الإعلامي والسياسي، واتهام حكومة الرئيس أردوغان باتباع سياسة خارجية تسعى عن طريقها لاستعادة الهيمنة العثمانية مجدداً على المنطقة العربية، وسلطت أبواق الفضائيات الطائفية المأجورة من قِبل سلطة طهران لمهاجمة القرار التركي لنصرة الشعب السوري واتهامها بتهريب السلاح والإرهاب للأراضي السورية وخلق حالة من الفوضى الأمنية داخل المدن والأرياف في المنطقة الحدودية السورية التركية، ونسوا أو تناسوا الجسر الجوي بين طهران ودمشق لمد النظام الأسدي بالأسلحة والمعدات الحربية، ومشاركة فيلق القدس وزعيمه قاسم سليماني في اغتيال الشعب العربي السوري الأعزل بالقناصة من أفراد عصابة سليماني ودبابات النظام العلوي دون رحمة أو تمييز بين المواطنين من أبناء حماة وحمص ودرعا الصابرة، وتنفيذ أبشع جريمة قتل جماعي يشمل المرأة والطفل والشيخ العاجز دون إدراك للواجب المقدس للقوات المسلحة السورية تجاه شعبها ومواطنيها، التي أقسم ضباطها وأفرادها لحماية وصون استقلال الوطن والمواطنين، وحوّلهم النظام السوري العلوي لمجموعة من القتلة والمجرمين.
وكذلك بتنفيذ سياسة المراوغة وتحريك العملاء بدلاً من المواجهة المباشرة، وباستغلال الشارع العراقي ضد التوجُّه العادل لتركيا نحو الثورة السورية.
وجاءت صورة هذه المجابهة غير المباشرة بزيادة رسم الترانزيت التجاري على الشاحنات التركية، التي غيَّرت خط سيرها عن الممر السوري إلى العراق، القاصدة دول مجلس التعاون الخليجي، ومحاولة تأخيرها على المنافذ الحدودية لإفساد محتوياتها من البضائع والأغذية الطازجة!
وحرَّكت (اطلاعات) جواسيسها وعملاء طهران في مدينة البصرة للخروج في مظاهرة غوغائية، تحمل شعارات معادية للدولة التركية ورموزها الوطنية، وجاء ختامها بحرق العلم التركي بعد محاصرة مبنى القنصلية، والمطالبة بطرد القنصل التركي، جاءت هذه الحركة التمثيلية إثر زيارة رئيس الوزراء المالكي لطهران على رأس وفد سياسي واقتصادي كبير، وقدم المالكي وعوده للمسؤولين الإيرانيين برفع حجم التبادل التجاري بين البلدين من عشرة مليارات دولار لأكثر من خمسة عشر مليار دولار في العام الحالي على حساب الميزان التجاري مع تركيا، وأكد هذا التوجُّه مطالبة الشركات التركية بمغادرة المنطقة الجنوبية من العراق الواقعة تحت النفوذ الإيراني وسيطرة عملائه من ممثلي الكتل السياسية الطائفية المسيَّرة بتعليمات ملالي طهران.
هذه هي الاستراتيجية السياسية لملالي طهران في تصدير الثورة المذهبية إلى دول الجوار العربي، التي ابتُلي بها شعبنا العربي العراقي بتنفيذ أحمد نجاد رأس النظام الإيراني بملء الفراغ الأمني داخل الجغرافيا العراقية، والعمل على الانفراد بنهب الثروة الوطنية للشعب العراقي بسرقة مكامن البترول والغاز القريبة في حدودها، وشفطها بطريقة الإنتاج المائل، وإغراق السوق العراقي ببضائع إيرانية رديئة، ورفع حركة الزيارات الدينية لكربلاء والنجف بعد سيطرة الشركات السياحية الإيرانية على الموارد السياحية العراقية من فنادق وشقق، وحتى الأسواق التجارية لا يسمع فيها إلا اللغة الإيرانية: ملالي قم وطهران. إنهم يحاولون تسخير العداء الطائفي المذهبي لخططهم السياسية في السيطرة على الاقتصاد العراقي، وخلق المناخ المهيئ لإبعاد المواطن العراقي عن بيته العربي وجواره الإسلامي، إلا أن وطنيته وحبه لوطنه العراق سيبددان أحلامهم.
هيئة الصحفيين السعوديين - جمعية الاقتصاد السعودية