المجزرة التي ارتكبت في قرية (الحولة) بمحافظة حمص والتي راح ضحيتها العشرات نصفهم من الأطفال يجب أن لاتفت في عضد الثورة بل يجب أن تكون وقوداً يساهم في مواصلة المسير نحو التحرير، فعلى الرغم من بشاعة الجريمة التي ارتكبها أذناب النظام السوري ممن يطلق عليهم اسم (الشبيحة) وعلى الرغم من
القسوة الفظيعة التي ارتكبت بها تلك المجازر فيجب أن لانيأس وأن نعتقد أن بعد العسر يسرا إن بعد العسر يسرا.
يجب أن نكون على يقين بأن هذه الأرواح البريئة الطاهرة لن تذهب هدراً، وأن تلك الدماء الزكية النقية التي سالت في شوارع حمص وفي غيرها من المدن السورية لن تذهب سدى، وأن الشريفات الأحرار اللاتي يغتصبن ليل نهار من أولئك الأنجاس لن تمضي أفعالهم بدون عقاب فالله يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته، ولنا فيمن كان قبله من الطغاة عبرة وعظة، فمنهم من هرب في جنح الظلام ومنهم من قتل ومنهم من سجن ومنهم من نفي والله وحده يعلم ماهو مصير طاغية الشام الذي طغى وتجبر ونازع الله في ملكه فأخذ يأمر الناس بأن يعظموه ويمجدوه من دون الله.
يجب على أحبابنا في الشام أن يطمئنوا أن النصر قريب وأن يجعلوا ارتباطهم بالله وحده ولاينتظروا شيئاً منا أو من غيرنا فنحن موتى، فلايمكن لقلوب حية ترى تلك المشاهد المفجعة وتبقى دون أن تحرك ساكنا وتكتفي بالشجب والاستنكار والتنديد، ولايمكن لقلوب حية أن تسمع نواح الثكالى وصراخ الأطفال وتشاهد أجساد القتلى المنتشرة يومياً في الشوارع وتكتفي بطرد السفراء أو ترسل مبعوثها ليعبر عن دعوته لذلك النظام الظالم الجائر المستبد أن (يتخذ خطوات جريئة) لوقف العنف.
نحن موتى يا أطفال الشام وياحرائر الشام ويارجال الشام موتى منذ زمن بعيد، منذ أن سقطت فلسطين ومنذ أن عملت تلك الأنظمة الجائرة في العديد من الدول العربية والإسلامية وعاثت فيها فساداً فأصبحت مستباحة من تلك الأنظمة حتى إذا ماانتفضت تلك الشعوب وقامت تلك الثورات المجيدة في إطار الربيع العربي قام النظام العالمي لوضع المؤامرات ودعم مايراه في مصلحته ويتلاءم مع خططه فتجده تارة يدعم نظاما وأخرى يسعى لإسقاطه ومرة يتدخل عسكرياً وبشكل مباشر وتارة يرفض التدخل العسكري بانتظار نجاح الدبلوماسية وهكذا يتواصل المسلسل بناء على مايريده المخرج.
صبراً أحبابنا في سوريا، فيبدو أن الخمسة عشر ألف شهيد الذين قدمتموهم منذ انطلاق ثورتكم ضد الظالم لاتكفي إلى الآن لتفريج همكم، ويبدو أن خطة عنان لايكفيها ألفا شهيد إلى الآن منذ أن أعلنت وتحتاج إلى مزيد من الشهداء، ويبدو أن الخمسة عشر شهراً يجب أن تمتد حتى يأتي الفرج، ومن جانبنا نعدكم بأن نواصل الدعاء لكم وأن نحزن إذا رأينا أشلاءكم وجثثكم في الطرقات وقد نبكي قليلاً إن كانت المناظر بشعة مثل المذبحة الماضية، كما نعدكم بأن نتحدث قليلاً في بعض مجالسنا وسهراتنا عن آلامكم وتضحياتكم، ونعدكم بأن نتذكر بين فترة وأخرى معاناتكم، وقد يحرص إعلامنا على تسليط الضوء على المجازر التي ترتكب بحقكم وقد يستضيف الخبراء والمحللين ليقدموا وصفاً دقيقاً لما يجري لكم، كل هذه الوعود نؤكد لكم بأننا سنقوم بها ولكن لاتنتظروا منا شيئاً آخر فهذه طاقتنا وهذه حدودنا.