|
لقاء - منيف خضير:
أنور بن حسين جاسم النصار (مدير إدارة العوق البصري بالأمانة العامة للتربية الخاصة بوزارة التربية والتعليم. ماجستير من جامعة ولاية أوريجن في أمريكا (تربية خاصة) رجل مكافح بكل ما تحمله الكلمة من تجاوز للعقبات، حينما تجالسه وتحاوره تقول في نفسك « إنما نحن جوقة العميان»، حمل على عاتقه مشكلة العوق البصري، وطور عمله خدمة للمكفوفين في المملكة على مدى سنوات، في هذا اللقاء تحدث النصار عن بداياته مع الإعاقة وعن الهوايات التي كان يمارسها في أمريكا بطريقة أذهلت المبصرين، وأشياء أخرى تستحق القراءة في سيرة هذا الإنسان، وإليكم البداية عن سيرته العلمية فيقول:
بدأت سيرتي العملية بعد عودتي من الولايات المتحدة الأمريكية وحصولي على شهادة الماجستير حيث عملت معلما للمرحلتين الابتدائية والمتوسطة في معهد النور بالمنطقة الشرقية ثم انتقلت للعمل معلما بمعهد النور بالرياض لجميع المراحل الدراسية ثم مديرا لمعهد النور بالرياض، انتقلت بعدها لأكون مشرفا تربويا بالإدارة العامة للتربية الخاصة ثم مديرا لإدارة العوق البصري بالوزارة.
البداية في الكويت
وعن البدايات التعليمية حينما كان مبصرا قال:
درست مبصراً في دولة الكويت الشقيقة حيث عاصرت في ذلك الوقت أوج ازدهار خدمات التعليم العام إلا أن حالتي البصرية بدأت في التغير عندما دخلت في حياة المراهقة حيث اضطررت إلى لبس النظارات الطبية في السنوات الأولى للمرحلة المتوسطة إلا أن ضعف البصر ازدادت قوته مع دخولي للمرحلة الثانوية هناك اضطررت على إثرها إلى الاستفادة من خدمات التعليم الخاص المتواضعة والتي حولتني إلى طالب مستمع في ثانوية للتعليم العام ألغيت عني فيها المواد العلمية التي كنت أحبها. وهنا تدخلت والدتي لتجبر والدي رحمه الله بالعودة إلى المملكة العربية السعودية وهنا دخلت حياتي مع الإعاقة البصرية في مراحل متباينة. ففي معهد النور بالقطيف بالمنطقة الشرقية كان عدد الطلاب الذين زاملتهم في الصف الأول ثانوي قليلا جدا أشعرني بالملل علاوة على البعد الكبير في المسافة بين البيت والمعهد قيد تواصلي الاجتماعي مع زملائي بالصف وقد واجهتني مشكلة في تلك المرحلة حيث لم يخصص لي برنامج لتعلم طريقة برايل اضطرني ذلك إلى تعلمها بشكل شخصي ولم أتنفس الصعداء إلا بعد دخولي الحياة الجامعية بجامعة الملك سعود حيث تمكنت من تكوين عدد كبير من الصداقات مع زملاء الدراسة رغم المصاعب الأكاديمية التي كانت تواجهني مع أعضاء هيئة التدريس الذين كان غالبهم لا يتفهم ظروف وإمكانات فاقدي البصر فكانت حياتي مليئة بالمعثرات معهم، ومما خفف تلك المصاعب انتقال أسرتي من الخبر إلى الرياض بتحفيز من الوالدة حفظها الله لتجمع شمل العائلة حيث كان أخي الذي يصغرني قد التحق بنفس الجامعة وهو كفيف بصر إضافة إلى أخينا الصغير والذي كان في بداية دخوله مجال تعليم المكفوفين والذي أغلقت أبوابه في معهد النور بالقطيف ليبقى معهد النور بالرياض هو المنشد لذلك فجزا الله والدتنا عنا خير جزاء فهي نموذج للتضحية والتي يقوم بها كل أم وأب يرغب في الارتقاء بمستوى أبنائه من المعوقين، والوقوف المشرف لكل من سعادة الدكتور محمد عبد المنعم نور رحمه الله وسعادة الدكتور عبد العزيز عبد الحكيم درويش واللذين كانا بلسما للآثار النفسية التي كانت تعتريني وزملائي من المكفوفين.
إلى أمريكا مبتعثاً
وبعد حصولي على الشهادة الجامعية حصلت على الموافقة من وزارة التعليم العالي بالابتعاث إلى الولايات المتحدة الأمريكية عاد لي الأمل بحلاوة العلم والخدمات المقدمة للمكفوفين عندما التحقت بجامعة ولاية أوريغون الحكومية أحسست فيها بقيمتي كإنسان قادر من خلال استئجاري لشقة خاصة بي مارست فيها جميع المهام المنزلية من طبخ وغسيل وكوي للملابس وتنظيف دائم للشقة برمجت فيها ساعات الدراسة والتجوال الحر في المدينة كونت خلالها صداقات كثيرة ومتنوعة حتى أصبحت معروفا في معظم أنحاء المدينة ،تعلمت خلال هذه الفترة كل الحقوق التي ذللت للمكفوفين هناك وأنواع التقنية الصوتية، كما مارست مجموعة من الأنشطة الرياضية حيث أبدعت برياضة التزحلق على الماء ولعبة البولنج ولعبة الجولف كما مارست رياضة التزحلق على الجليد والطيران الشراعي، وامتلكت دراجة هوائية بمقعدين كما ابتكرت طريقة لممارسة رياضة الجري باستخدام العصا البيضاء تم اعتمادها بقسم التربية البدنية بالجامعة.
زوجتي هي بصري
لقد رفعت هذه الفترة من حياتي معنوياتي الشخصية وحفزتني لأجري كل ما استطيع من تغيير في مملكتي الحبيبة لأخفف معاناة زملائي المكفوفين.
مما ساعدني في اكتساب الخبرة لخدمة المكفوفين وتسخير الآثار السلبية للإعاقة البصرية زواجي بأم أبنائي والتي كانت ولا تزال هي العين التي أبصر بها للحصول على المعلومة التي تساعدني في تطوير مهاراتي الشخصية والتي بدوري أقدمها للآخرين، فلها مني كل الحب والعرفان.
نقطة التحول
كما ذكرت آنفا فقد كان جل اهتمامي بأن أجري تعديلات تخدم المكفوفين والمكفوفات في بلدي الحبيب بدأتها بتوسيع مدارك الطلاب الذين أدرسهم بكل ما استطيع تأمينه وتحضيره من وسائل ومصادر ثقافية داخل وخارج معهد النور للمكفوفين وقد نجحت في ذلك إلى حد كبير خدمني في تأدية رسالتي التعليمية.
تمكنت بعد تكليفي مدير المعهد النور بالرياض من الإشراف على مركز إنتاج الوسائل التعليمية للمكفوفين حيث قمت شخصيا بمراجعة الوسائل البارزة وتعديلها وتصميم وسائل جديدة وفرت فيها على الوزارة مبالغ كثيرة حتى أصبح إنتاج جهدا المركز يشار له بالبنان محليا ودوليا.
كما قمت بإقناع الوزارة بإيجاد دليل لتعليم طريقة برايل للصف الأول ابتدائي يخدم الطالب والمعلم والأسرة كان ولا يزال الأمير على مستوى العالم العربي.
شاركت في جميع المحافل المحلية والدولية الخاصة بالتربية الخاصة مركزا فيها على جانب المكفوفين وخدماتهم.
أقوم بإعداد وتنفيذ دورات تدريبية لمنسوبي ومنسوبات تعليم المكفوفين داخل المملكة وفي دول مجلس التعاون الخليجي.
أسست مجلة فصلية بطريقة برايل للأطفال من المكفوفين وأرئس تحريرها.
أشارك حاليا وكعمل تطوعي بعضوية مجلس إدارة جمعية المكفوفين الخيرية بمنطقة الرياض حيث كلفت من مجلس إدارتها برئاسة لجنة التأهيل والتدريب.
عقبات تجاوزناها
أما أبرز العقبات التي اعترضت طريقه فيقول:
إن من أهم وأبرز العقبات التي تواجه من لديه كف بصر هي الوصول إلى المعلومة المرئية بشكل مسموع أو ملموس فلولا الله ثم والدتي حفظها الله والتي كانت تقرأ لي المراجع التاريخية عندما كنت طالبا في الجامعة لتعثرت كثيرا في ذلك الوقت وعلى الرغم من التطور السريع للتقنية المعدلة صوتيا للمكفوفين إلا أن تأخر تعريبها وضعف إعدادها وصعوبة صيانتها لا يزال عقبة للحصول على المعلومات يضاف إلى ذلك التكلفة الباهظة لتلك التقنية.
أبرز مطالب المعاقين
أهم مطالب الأشخاص ذوي الإعاقة تفعيل نظام المعوقين والذي صدر عام 1421هـ حيث لا تزال موادهم معلقة خصوصا ما نصت عليه المادة الثامنة والتي تقضي بتشكيل مجلس أعلى للمعوقين يكون المظلة التي يلجأ إليها المعوقون للحصول على حقوقه. كما أنني أتمنى من جميع القطاعات الحكومية تذليل الصعاب أمام موظفيها من ذوي الإعاقة أو من يصابون بالإعاقة وهم على رأس العمل بإبقائهم في مناصبهم وتشجيعهم لتخطي المحنة التي يمرون بها. أما القطاع الخاص فأهيب به للاستفادة القصوى بتوظيف الأشخاص ذوي الإعاقة بعد تأهيلهم وتدريبهم على الوظائف المعروضة وهم بلا شك سيبذلون أقصى ما لديهم للإبداع في ما يوكل إليهم من عمل.
3 رسائل
وفي النهاية تركت للأستاذ/ أنور بن حسين جاسم النصار (مدير إدارة العوق البصري بالأمانة العامة للتربية الخاصة بوزارة التربية والتعليم ثلاثة رسائل يختم بها حديثه فقال:أوجه رسالتي إلى ثلاثة أعلام عالميين تنبغي الإشادة بجهودهم فصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان يحفظه الله تنبغي الإشادة بجهوده في مجال خدمة الأشخاص ذوي الإعاقة على كل صعيد انطلاقا من البحث العلمي من مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة إلى تأسيس ودعم جمعيات الأطفال المعوقين.
ثم هناك صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن أحمد يحفظه الله والذي يقود راية مكافحة العمى في مجال الطب وهو من أصعب المجالات التي يخوضها شخص كفيف البصر على مستوى العالم وأخرهم سعادة الدكتور ناصر بن علي الموسى وفقه الله المبدع في مجال دمج الأشخاص من ذوي الإعاقة البصرية في المجالات التربوية والاجتماعية.