قابلت أحد المهندسين الزراعيين في وزارة الزراعة، وذكر ما قام به الوزير من تطبيق بعض الرؤى والأفكار الحديثة لتطوير العمل. ومن بين المقترحات التي تبناها الوزير ، وهي معمول بها في عدد من الشركات والمؤسسات المتقدمة، تطوير نمط الاجتماعات ؛ لتكون مثمرة وإيجابية، وتتلخص الفكرة في إقامة اجتماعات أو دورات عملية وورش عمل مصغرة لبضعة أيام، وتهدف إلى البعد عن ضغوط العمل، والضغوط الاجتماعية والعائلية الرتيبة وخلق جو من التفاهم والتعارف والتآلف بين المسؤولين والموظفين، وقد تكون في رحلة بحرية أو زراعية أو في منتجع، أو في فندق خارج نطاق العمل، ويشارك في هذا الاجتماع المسؤولون بالوزارة مع خبراء من خارج الجهاز، ويتم الابتعاد عن الرسميات و «المشالح» و «المفاطيح»!!
ويواصل هذا المهندس عرض تجربة الوزارة قائلاً: عاد المجتمعون بروح نشطة، وتفاعل الحضور مع الاجتماعات والنقاشات وقدم كل رؤيته ومزجت هذه الآراء، وظهرت بنقاش مفتوح، وربما قدمت آراء صغار الموظفين على كبارهم، فالمعيار هنا « جودة الفكرة « وليس المنصب، وكان رئيس الجهاز والموظفون في اجتماعهم يجلسون على طاولة دائرية لاتكاد تعرف من هو الرئيس فيها، وكان هناك مقرر للاجتماع فقط، ولايوجد رئيس أو مدير، ورأينا ثمار هذا العمل الذي لم يشارك فيه الكبار فقط، بل حتى الإدارات الخدمية شاركت؛ لأن لها دوراً أساساً في مسيرة العمل، وانعكست هذه الاجتماعات على الأداء.
ولم يقف الجانب التطويري في الأداء على هذا العمل فقط، بل كان هناك جوانب أخرى لايتسع المجال لذكرها، والذي أعلمه أن كل وزارة ومصلحة حكومية لديها من البنود ما يتيح لها تطوير العمل وبنيته وعناصره، سواء بالدورات أو الاجتماعات أو ورش العمل أو الزيارات التفقدية للمسؤول أو لقاء مديري الفروع، بل والاستماع لصوت المواطن والجمهور المستفيد من الخدمات وصناديق الاقتراحات التي توضع في مدخل الوزارات والمصالح الحكومية وتطور الأمر ليشمل البريد الإلكتروني وفتح صفحات على الفيسبوك والتويتر وغيرها من شبكات التواصل الاجتماعي ، ولذا فإن عطاء كل مؤسسة حكومية أو خاصة مرتبط بالدرجة الأولى على عطاء الرجل الأول والقيادات العليا فيه.
وفي كل جهاز حكومي من القدرات والكفاءات المغمورة ما لايمكن اكتشافها إلا بمثل هذه اللقاءات والاجتماعات المفتوحة بين القيادات الإدارية العليا ومجموعة من الموظفين. أما الاجتماعات التقليدية النمطية بين الأجهزة العليا للإدارة، فهي ستبقي العمل سائراً على وتيرة واحدة ونمط واحد لا إبداع فيه ولا تجديد، بل سيبقى على وضعه إن لم يصب بالفتور والتراجع.
ولأخي المهندس الزراعي الذي عرض تجربتهم الجيدة وللقراء الكرام أسوق مثالاً آخر لتجربة إيجابية جيدة، تبناها أحد المسؤولين بإحدى الوزارات، ألا وهي فكرة الاجتماع الدوري بالوكيل ومديري الإدارات في وكالة من وكالات الوزارة، ثم اجتماع آخر خاص بوكالة أخرى، يتم فيه عرض خطة العمل المستقبلية، ومناقشة ماتم إنجازه سابقاً وما صادفهم من عوائق، والاستماع لشريحة كبيرة من الموظفين حتى يتم الخروج بعمل جماعي مشترك ، وليست رؤية فردية لوكيل أو مدير عام فقط، فكان لكل وكالة من وكالات الوزارة برنامج ولقاء دوري مع الوزير ، وبذا تم التواصل مع شريحة كبيرة من العاملين ، وعادت هذه اللقاءات بنتائج إيجابية.
إن العمل أي عمل هو أمانة، ونحن مطالبون بأداء العمل على أتم وجه وأفضل حال كما قال صلى الله عليه وسلم: (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه).
خاتمة: قال تعالى: {إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ}
alomari1420@yahoo.com