تذكرتُ قول الشاعر:
كل ابن أنثى وإن طالت سلامته
يوماً على آله حدباء محمول
هذا مصيرنا جميعاً، وليس أحد في هذه الدنيا بمنحى عن الموت، الذي أكده رب العزة والجلال {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ}، والإنسان في هذه الحياة يعمل ويكدح ويعبد ربه قبل كل شيء حتى يأتيه اليقين، كما قال الله سبحانه وتعالى: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ}. وكثير منا اتبع هواه ونسي، والكيّس هو من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم، لكن من استشعر وجوده في هذه الحياة ولماذا خلقه الله بالتأكيد سوف يكون في قاموسه العبادة كما قال الله سبحانه وتعالى {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} إلى آخر الآية.
فزميلنا وصديقنا محمد بن صالح الحواس (أبو يوسف) هو - بإذن الله - من الذين نقرأ في شخصيتهم هذا السلوك الذي تعددت فيه صور العبادة بذلاً وعطاء وإنسانية ومشاركات وجدانية واستخدام علاقته مع شرائح المجتمع وتسخيرها لمساعدة المحتاج في شتى صورها. كذلك من الأمور التي تميز بها خدمة وطنه في أكثر من موقع بدءاً من عمله في كلية التربية بجامعة الملك سعود ومن ثم إشرافه على مدير مكتب جامعة الملك سعود في عهد الدكتور عبدالعزيز الفدا ومن ثم انتقل إلى مكتب التربية العربي لدول الخليج وإشرافه على مكتب المدير العام في عهد معالي الدكتور محمد الرشيد المدير العام السابق للمكتب، وكذلك أشرف على مكتب الدكتور علي التويجري المدير العام السابق للمكتب، إضافة إلى تكليفه بالإشراف على الشؤون المالية والإدارية، وكذلك إشرافه على مكتب معالي الدكتور سعيد المليص المدير العام السابق للمكتب.. هؤلاء عمل معهم، وكان محل ثقة منهم، يعتمدون عليه في الكثير من الأعمال التي تتسيدها خبراته الإدارية كتابة وتحريراً، وكثيراً ما يستخدم علاقاته في تذليل الصعاب التي تواجه المكتب.
كذلك يجب ألا أنسى علاقته الحميمة مع زملائه وأصدقائه، الذين كانوا يعتبرونه عمدة لهم، ولاسيما في الأمسيات الليلية والأسبوعية؛ فتجد برنامجه الأسبوعي يشمل الأسبوع كله، ومن بينه أفراد أسرته. وهذه الأمسيات لا تخلو من المرح المباح من نكت وطرائف وما يرتبط بالموروث من عادات وتقاليد وشيم أيضاً، ويحاول في هذه الأمسيات أن تكون اللغة العربية وآدابها حاضرة؛ حيث إنه يعشق الأدب العربي، ويستشهد بالكثير من أقواله، ويحفظ كثيراً من الأشعار العربية. أيضاً لم يكن بعيداً عن الأدب الشعبي، وكان يعشقه كثيراً، ولاسيما الشعراء المعتبرين في عصرنا الحاضر ابن جعيثن وابن لعبون وابن سبيل وابن خميس ولويحان وغيرهم.رحمك الله يا أبا يوسف، وأسكنك فسيح جناته، وألهم أولادك يوسف وبدر وزهير وبناتك وحرمك وأسرة الحواس والعساف ومحبيك الصبر والسلوان.. و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
والله من وراء القصد.