يمضي الوقت خفيفاً، محلقاً، خاطفاً ويقترب زمني الخاص لأجل الكتابة..
أفكر بالكتابة عن أمر أبهجني وآخر أثار دهشتي، وثمة آخر كنت قد خبأته في عمق الذاكرة وسوف يتحرر الآن تباعاً وتنثال الكلمات من بين أصابعي، لكن ثمة ما يأتي ضاغطاً حارقاً كعاصفة لم تكن مفاجئة بل ثمة مقدمات لها.
مشهد مجازر الأطفال في سوريا لا تصفه الكلمات، يقشعر بدني لرؤيته وأشعر بأن دمي تحول إلى ذرات رمل تشتعل غضباً وقهراً وألماً وإحساساً بالعجز..
أردت الكتابة حول المذبحة، فبدأت كالعادة في البحث حول الحقائق، قلبت الأوراق، تجولت عبر معظم مصادر المعلومات الإلكترونية، إلا أنني لم أجد شيئاً واضحاً، بل هناك الكثير من الحقائق والأقوال المتناقضة، الأمر الذي جعلني أشعر بأن هناك صخباً من الأسئلة في داخلي، بعضها ثمة ملامح توحي بإجابة له وبعضها مغلّف تائه.. في الوقت ذاته وجدت هناك الكثير من الأحاديث والتغريدات عبر الفيس بوك، لكنها أيضاً زادتني وجعاً وحيرة وألماً للأسف شرع بعض الكتّاب يتحدث عن الطائفية وأنها هي وحدها التي تقف خلف جريمة قتل الأطفال، ولو أردنا الاتفاق معه فسنجد سؤالاً يفرض نفسه، هل ثمة دليل بالصوت والصورة يبين ويؤكد مصدر وهدف الفاعلين؟!.
ودون أن أسمي طائفة بعينها أود أن أسأل هل هؤلاء الطوائف عبارة عن مجموعة أشخاص أم جهة معينة، وإذا كان ذلك فما هو اسم هذه الجهة وأين موقعها؟..
لماذا تعتقد طائفة ما بأن الطائفة الأخرى تشكل خطراً عليها وقد عشنا سنين طوالاً خلت طوائف مختلفة جنباً إلى جنب لم نر سوى حوادث فردية تنبئ عن خلل ما أو شعور بالكراهية أو النفي للآخر..
سؤال آخر في حال ثبت أنها الطائفية حقاً.. كيف لنا بحلٍ لهذه الأزمة بدلاً من البكاء والتباكي لأجلها، الأمر المنطقي الطبيعي في مجتمع متحضر هو تنوع الأديان والأجناس والأعراق والتعايش السلمي معاً.. في هذه الحالة التي نتحدث عنها في سوريا، ما هو الحل؟ ومن هم الأطراف المشاركون في هذا النزاع؟ ولماذا لا يظهرون إلى السطح، كي نشاركهم في حل تلك الأزمة؟ وما هو دور بشار؟..
السؤال الآخر: أن الثورة السورية حين بدأت، كان الهدف منها إزالة بشار الأسد ومن معه ممن يساندون الفساد، الثوار كانوا عبارة عن اعتقادات مختلفة يمثلون الشعب السوري كافة، فكيف حدث الآن أمر معاكس؟! أن تحوّل الأمر إلى الطائفية..!.
من هم أصحاب المصلحة في هذه المذبحة ولماذا تم استهداف الصغار الأبرياء (طيور الجنة) كي يتم تصفيتهم.. أين كان موقعهم؟ ألم يكن ثمة شهود عيان على المجزرة؟ وأين أهالي أولئك الأطفال؟ أين أصواتهم؟ هل قتلوا معهم جميعاً عن بكرة أبيهم؟.. ولماذا هؤلاء الأطفال بالذات أم أن اختيارهم كان عشوائياً؟ انتهت مساحة المقال ولم تنته الأسئلة!.