أعتقد أن أكبر متضرر من ألاعيب الدهاليز السياسية في المنظمات والهيئات الدولية هي المملكة العربية السعودية، ليس بخصوص حقوقها السيادية والوطنية فهذه محفوظة إن شاء الله، ولكن بخصوص استبعاد مرشحيها مهما كانوا متميزين من المناصب الرئاسية في المنظمات والهيئات الإقليمية والدولية. أضع لهذه الظاهرة أهمية قصوى يجب أن يتعرف عليها المواطن السعودي لتثقيفه وتحفيزه بروح المنافسة والتدافع بين الدول في الساحات العالمية. أرجو أن ذاكرتنا الوطنية ما زالت تختزن استبعاد المرحوم الدكتور غازي القصيبي من إدارة اليونيسكو عام 1999م، ولم يكن هناك أدنى شك آنذاك في أنه الأكفأ بين جميع من ترشحوا للمنصب.
ما أود طرحه هنا للنقاش هو تساؤلات عن:
أولاً: مدى حرص المنظمات العالمية والإقليمية على البحث عن الشخص الأكثر تميزاً لإدارة منظمة أو هيئة ما لصالح جميع الدول الأعضاء المتشاركة، أم أن الاختيار يخضع غالباً للألاعيب والتكتلات السياسية متجاوزاً المصلحة العامة؟.
ثانياً: هل المملكة العربية السعودية من بين الدول التي تدفع بمرشحيها بكل ما لديها من قوة ونفوذ إلى الأمام، أم أنها تفضل التعامل بالدبلوماسية الهادئة وعدم الانغماس في صراعات الكواليس الخلفية حتى لو كان لديها أفضل المرشحين؟.
ثالثاً: هل تقدم السياسة الإعلامية السعودية للمواطن ما يجعله على اتصال جيد بما يدور من تنافس دولي على المناصب القيادية، مدعماً بمعلومات محايدة ومقارنة عن ممثليها وممثلي الدول الأخرى المتنافسة، بقصد التعرف على كفاءاتنا الوطنية وبالمواقف الدولية المؤيدة أو المضادة بما في ذك الدول التي نتخيلها صديقة والأخرى التي ليست كذلك؟.
انتهت التساؤلات..
دفعني إلى هذه التساؤلات مقال نشرته صحيفة (الجزيرة) يوم الأربعاء الموافق 2 رجب 1433هـ، ص.28، عن موقع المملكة العربية السعودية من منصب الأمين العام لمنظمة أوبك. كاتب المقال هو مدير عام صندوق أوبك للتنمية الدولية (أوفيد) سليمان بن جاسر الحربش، والمحتوى يركز على التعريف بالمرشح السعودي لمنصب الأمين العام لمنظمة أوبك الدكتور ماجد المنيف. صحيح أن كاتب المقال هو ابن عمي الشقيق، كما أن المرشح السعودي أحد أصدقائي المقربين، لكن العلاقة الشخصية هي آخر اهتماماتي هنا، ولا أعتقد أن أي قارئ يمكنه التشكيك في ذلك. أهمية الموضوع نابعة من كون المرشح السعودي يمتلك من المميزات العلمية والعملاتية والشخصية ما يجعله الرجل الأكفأ والأنسب لتمثيل مصالح منظمة الدول المصدرة للبترول بجميع أعضائها على الساحة الدولية، هذا لو كانت الأمور تسير بمقاييس العقلانية والبحث عن المصلحة الجماعية للدول المتشاركة، لكن يبدو أنها ليست كذلك. المتوقع حسب نظام الاختيار في أوبك هو إفشال فوز المرشح السعودي بسبب احتمال اعتراض دولة أو دولتين لأسباب سياسية بحتة، وفي هذه الحالة سوف يكون المواطن السعودي فيما يشبه العزلة الإعلامية عما يجري في كواليس أهم منظمة اقتصادية تتحكم في شريانه الاقتصادي الأول والأهم على الإطلاق، وذلك منذ بداية الترشيح وحتى ظهور النتيجة النهائية.
بناء عليه، وانتصافاً لكفاءاتنا الوطنية المتميزة واحتراماً لحق المواطن في معرفة مقدار الاهتمام الذي تدافع به دولته عن حقوقنا في المراكز القيادية العالمية، أضع هذه التساؤلات الثلاثة بين يدي المسؤولين عن تمثيلنا في المحافل الدولية السياسية والاقتصادية والإعلامية لتنوير المواطن.