يا إلهي، ما الذي يجري بأرض الشام؟ فمنذ أن قامت ثورتهم وهم يصارعون أعتى قوة أمنية غاشمة على وجه الأرض، حتى لتخال أن التاريخ يعيد رسم هتلر ولينين وشاوشسكي، وغيرهم من طغاة العالم، ولكن مهلاً، فهل قتل لينين الأطفال بالسكاكين؟ أو مثّل بجثة طفل لم تبدأ حياته بعد كحمزة الخطيب؟ لأن كتب التاريخ نادراً ما تذكر مثل هذه الحوادث التي تقشعر لها أبدان أعتى الرجال، فما الذي يجري بأرض الشام؟
الإعلام المحسوب على النظام السوري، وكذلك صديقي الفلسطيني حسام، والذي يعيش في أحد البلاد الأوروبية الساحرة بعد أن عانى الأمرين من بطش النظام الإسرائيلي! يصرون على أن مرتكبي الجرئم الوحشية في سوريا هم عصابات إرهابية مسلحة يدعمها الناقمون على نظام الممانعة والمقاومة السوري، وعندما سألت صديقي حسام عن السبب الذي جعله يهاجر إلى أوروبا، بدلاً من الهجرة إلى بلد الممانعة، والذي لا يبعد سوى مسافة لا تكاد تذكر عن بلده المحتل، اكتفى بأن هرش رأسه، ثم غيَّر مسار المحادثة تماماً، وألمح لي أنه يضيق ذرعاً بمثل هذه الأسئلة أياً كان مصدرها! الغريب أن حسام كان يردح بامتياز عندما قامت ثورات تونس ومصر واليمن وليبيا، مردداً أن الوقت قد حان للثورة على هذه الدول الرجعية. هذا، ولكن ما إن قامت ثورة سوريا حتى قلب ظهر المجن للثورات، مردداً بأنه لا خير في ثورات يقودها «الرجعيون»! ولا يختلف رأي أحد وعاظنا الحمقى عن رأى حسام، فقد أفتى بأن «ذبح» الأطفال كان نتيجة لخروج السوريين على ولي أمرهم «الكافر»، والذي بالتأكيد لا يجوز الخروج عليه، وهنا لا تملك إلا أن تتساءل إلى أي مدى يمكن أن يذبح الضمير الإنساني من الوريد إلى الوريد؟! العالم الحر، والذي «ساند» الثورات العربية كلها، أخذته الثورة السورية على حين غرة، فأخذ يتخبط، لأنها «ثورة» حقيقية لم يحسب لها حساباً، لدرجة أن رئيس أقوى دول العالم، والذي قال لمبارك «عندما نقول ارحل الآن، فإننا نعني الآن وليس غداً»، هو ذاته الذي قال للرئيس السوري «ارحل» قبل أكثر من عام، ولأنه لم يؤكّد على أنه يقصد الآن وليس غداً كما فعل مع مبارك، فإنه ما زال يرددها بين الفينة والأخرى هو وأركان إدارته حتى فقدت فعاليتها ومصداقيتها.
وفي الأخير، نؤكّد على أن لكل ثورة ذروتها الحاسمة، ومثلما كانت حادثة السمراء «روزا بارك» عام 1955 هي التي حسمت ثورة السود في أمريكا، فإن ذبح «طيور الجنة» في سوريا قد يكون هو الذروة الحاسمة لتلك الثورة، شريطة أن يقول قاطن البيت الأبيض: «نقصد الآن.. وليس غد!».
فاصلة:
«من تتلطخ يده بدم طفل بريء لا يستحق الحياة.. وأطفال سوريا «المذبوحين» لم يرحلوا، بل صعدوا إلى الأعلى».
ahmad.alfarraj@hotmail.comتويتر @alfarraj2