رغم كلِّ التأكيدات والوقائع التي جسَّدتها الأوضاع في مصر، والتي أوضحت بأنّ المملكة العربية السعودية، كانت على مسافة واحدة من جميع المرشَّحين الذين تنافسوا على منصب رئيس الجمهورية في مصر، وهو ما كان ملموساً سواء من خلال لقاءات معالي سفير خادم الحرمين الشريفين في مصر الأستاذ أحمد عبد العزيز القطان، الذي حرص على لقاء جميع المرشّحين، أو من موقف المملكة العربية السعودية التي كانت محايدة تماماً في شأنٍ مصري داخلي بحت، وهو موقف ثابت تتميّز به المملكة دائماً في علاقاتها مع الأشقاء جميعاً، والأشقاء المصريون لم يشيروا إلى غير ذلك من قريب أو بعيد، بينما كانوا واضحين في إشاراتهم إلى بعض الدول والقوى التي حاولت التدخُّل في انتخابات الرئاسة المصرية، سواء من خلال ضخِّ الأموال أو تجنيد محطّاتهم الفضائية لدعم مرشّح دون غيره، والذي تابع الحوارات التي أجرتها المحطات الفضائية المصرية، لم يلمس أيّة إشارة إلى أيِّ دور سعودي مساند لأيِّ مرشّح.. ولكن كلّ تلك التأكيدات لم تُجْدِ أو تقنع بعض من ينطبق عليهم المثل العربي (الذي في بطنه ريح لا يستريح)، فقد زعم أحد المرجفين المعروف بكذبه وعدائه المكشوف للمملكة العربية السعودية وشعبها وأهلها جميعاً، بأنّ وزارة الخارجية بالمملكة العربية السعودية وجّهت معالي السفير أحمد بن عبد العزيز القطان لمنع فوز أحد المرشحين..
هذا الأفّاك المعروف بكذبه الدائم، ارتكب عدّة أخطاء كشفت كذبه وتزويره، فالوثيقة المزوّرة التي ادعى بأنها موجَّهة من وزارة خارجية المملكة العربية السعودية، حملت في مضمونها عدم صحَّتها وعوارها القانوني، فالمعروف أنّ جميع الدوائر والوزارات السعودية تستعمل في مخاطباتها التاريخ الهجري، إلاّ أنّ ذلك الكذاب أرَّخ لوثيقته المزوّرة بالتاريخ الأفرنجي لتأثُّره بالحالة التغريبية التي يحياها..
ثم إنه ضمّن تلك الوريقة مصلحات وألقاب تتناقض مع معرفة أي مواطن سعودي، فالجميع يعرف أنّ وزارة الخارجية بالمملكة العربية السعودية تحرص أن تكون مصطلحاتها دقيقة وواضحة، فلا يمكن أن تحمل مخاطبات الوزارة مصطلح (وزير الخارجية السعودية)، فالمسمّى المعروف هو وزير خارجية المملكة العربية السعودية، كما أنه لا يمكن أن يجرَّد المُخَاطَبْ من صفته الرسمية، فالجميع يعرف أنّ سفير خادم الحرمين الشريفين في جمهورية مصر العربية بدرجة وزير ويُخَاطَبْ بـ(معالي) وليس بـ(سعادة)، أمّا التزوير الفاضح فهو التوقيع الذي نُسب إلى سمو وزير خارجية المملكة العربية السعودية، ذلك التزوير الذي يَظْهَر عدم صحَّته لكلِّ مَنْ سبق وشاهد توقيع سمو الأمير سعود الفيصل.
تلك جملةٌ من الأخطاء تكشف تزوير ما حاول ترويجه كاذبٌ معروفٌ بارتكابه جرائم بحقِّ المملكة العربية السعودية وشعبها، وهذه المرة أراد توجيه سمومه لإحداث شرخ في العلاقات السعودية المصرية، تلك العلاقة التي هي أقوى من مثل هذه المحاولات التافهة.
jaser@al-jazirah.com.sa