سررت بإعلان موافقة وزارة الثقافة والإعلام على تأسيس جمعية خاصة بكتاب الرأي (الجمعية السعودية لكتاب الرأي)، كونها بادرة واعية تُسهم في زيادة رصيد مؤسسات المجتمع المدني من حيث النوعية، وبالتالي نتقدم خطوة على درب الحضارة المعاصرة، خاصةً أن هذه الجمعية إن تحقق
لها الوجود الفعلي والممارسة الصحيحة -بإذن الله- فإنها سوف تعكس الشراكة الحقيقية بين الفكر والإعلام السعوديين، بما يخدم المجتمع في كل مجالات تنميته الوطنية وتفاصل حياته اليومية، فالفكر يُنتج الآراء والإعلام يطرحها للمتلقي فرداً كان أو جهة أو فئة.
على قافية ما سبق رأيت أن استشف آراء وتساؤلات بعض السعوديين عن هذه الجمعية المرتقبة، سواءً من خلال ما نشر في بعض الصحف المحلية، أو ما كتب في شبكة (الإنترنت)، فخرجت بقدر لا بأس به، يمكن استعراضه هنا. أول تلك الآراء الممزوجة بالتساؤلات هو توقيت إعلان الجمعية: لماذا في هذا الوقت بالذات؟، خصوصاً أن فكرة الجمعية مطروحة منذ سنتين كما قيل، وأيضاً (اسم الجمعية)، فرغم أن هناك من يعتبر الفكرة جميلة والخطوة تطويرية إلا أنه يرى الاسم فضفاض، ما يعني وجوب تحديد من هم كتاب الرأي وتعريفهم بدقة، كون ميادين الكتابة متعددة ومتنوعة، فهل المقصود (الكتاب الصحافيين) أي الذين يكتبون في الصحافة (صحف ومجلات) بغض النظر هل هو كاتب رأي أم رئيس أو مدير تحرير أو محرر صحافي له زاوية ؟ أم أن كتابة الرأي المعنية تشمل أيضاً كُتاب النشر الإلكتروني بشكل عام (المنتديات والمدونات ومواقع التواصل الاجتماعي)، الذين يملكون مهارة الكتابة ويتمتعون بطرح راق وفكر واع ولهم متابعين بآلاف.
فإن كان كذلك! كيف سيتم تصنيفهم أو فرزهم؟ ما يعني أن اللجنة التأسيسية لهذه الجمعية ستواجه تحدياً صعباً في هذه الجزئية بالذات المتعلقة بمعايير تحديد كاتب الرأي، خصوصاً أننا عشنا تجربة سابقة بهذا الشأن، فربما يذكر البعض ذلك الجدل الواسع الذي صاحب إنشاء الهيئة السعودية للصحافيين بشأن تحديد من هو الصحافي؟ لدرجة أن هناك شخصيات صحافية زهدت بهذه الهيئة وانسحب من كل مشهدها الوطني لهذا السبب.
وإذا كان الشيء بالشيء يُذكر فهناك من يرى أن الجمعية ستكون نسخة مكررة من هيئة الصحافيين، وأنها مجرد (برستيج) إعلامي للوزارة، قياساً على أداء هيئة الصحافيين التي لم تحقق إنجازاً مميزاً طيلة فترتها السابقة إلا وجود مقر جميل يقع على طريق مهم! وعليه يطرح أحدهم تساؤلاً عن طبيعة علاقة جمعية كتاب الرأي بهيئة الصحافيين!! هل ستكون مكملة لها أم منافسة أم ماذا؟ كما يضيف أحدهم مسألة في غاية الأهمية وهي (المسألة القانونية)، من حيث قدرة هذه الجمعية على حماية كاتب الرأي في ظل التفاعل الرسمي والشعبي على ما يطرحه الكتاب من قضايا وآراء، لأن عدم تمتعها بهذه القدرة يعني أنها ستكون نسخة مكررة لهيئة الصحافيين.
أما أغرب الآراء وربما أهمها فكان عن توجس البعض من أن هذه الجمعية ستكون أداة للسيطرة على الرأي العام وتوجيه بوصلته تجاه قضية ما أو شخص ما سواءً سلباً أو إيجاباً! وبذلك تفقد رسالتها النبيلة بكونها جمعية لتعزيز قيمة الرأي وإشاعة فضيلة الحوار ونشر المعلومة الصحيحة.
عن نفسي أثق بالأشخاص الذين تم اختيارهم للجنة التأسيسية لهذه الجمعية وهم (عبد العزيز السويد، ومحمد الأحيدب، وخالد السليمان، وعلي الشدي، وعبد الله القفاري).
kanaan999@hotmail.comتويتر @moh_alkanaan