هذا مثل عربي، ومعنى باري القوس: الذي نحتها، وسوَّاها.
ومعنى المثل: استعن على عملك بأهل المعرفة، والخبرة، والحذق، والتخصص.
وهذا المثل يستعمل في الحث على الاستعانة بأولئك.
ولو أن الإنسان أخذ بهذا المثل لاختصر على نفسه كثيراً، ولَوَفَّر عليها جهداً كبيراً.
يحدثني أحد أعزة الأصحاب قائلاً: إنني أحب رياضة المشي, وكنت أمشي كيفما اتفق، لا أبالي بما ألبسه من حذاء وَقْتَ المشي.
وفي يوم من الأيام سمعت أن لنوع الحذاء أثراً في راحة القدم, وسرعة المشي, وكنت لا أعير ذلك الكلام اهتماماً.
وفي أحد الأيام قرَّرت أن أذهب إلى أحد الأماكن المختصة, لشراء حذاء, فأشار عَليَّ أحد الباعة بنوع من الحذاء, وصار يذكر شيئاً من مزاياه, فاشتريته, وكان ثمنه غالياً نوعاً ما.
يقول ذلك الصاحب: فلما لبسته, وسرت فيه وجدت راحة في السير لم أجدها من قبل؛ فزاد إقبالي على المشي وأدركتُ أنني كنت مخطئاً في تلك الأيام التي كنت أمشي دون استشارة لأهل الاختصاص في ذلك الشأن، وأفدت درساً وهو أن الإنسان ينبغي أن يدخل البيوت من أبوابها, وأن يعطي القوسَ باريَها؛ لأنه ربما يجتهد دهراً طويلاً في أي شأن من شؤونه وهو غير عالم بذلك الشأن, فيسير على غير هدى، راكباً متن عمياء، خابطاً خبط عشواء سواء كان ذلك في أمر البناء، أو المراكب, أو العلم، أو البيع والشراء، أو نحو ذلك.
ولو أنه استشار, واستعار عقلاً آخر مختصاً لَفُتحِت له الأبواب، وزالت عنه الحيرة والاضطراب.
هذا ما أوحت به خاطرةُ ذلك الصديق العزيز الذي أشار فيها إلى احترامِ التَخصص, وترك الاجتهاد فيما قد كُفِيَ الإنسانَ مؤونتَهَ.
- جامعة القصيم