سجال إعلامي على مدى أيام، وصور من ردود الأفعال على مواقع التواصل الاجتماعي شاركت فيها كلها شرائح اجتماعية عريضة مختلفة التوجهات ومتنوعة المشارب، وذلك على صدى وقع أحداث افتعلت أمام سفارة خادم الحرمين الشريفين بالقاهرة وقنصلياتها في مدن مصرية أخرى، في الجانب الأقصى أي هناك في ارض الكنانة الحبيبة كان الأمر مختلفاً عنه هنا في الداخل، كان الإخوة الأشقاء يخوضون في آراء متباينة من الحدث فمنهم المنصف الواقعي الرزين وهم -ولله الحمد- الأكثرية، ومنهم من غفل عن حبائل ترسمها وتريدها جهات مغرضة تترصد ضد مصلحة الطرفين السعودي والمصري، بل ربما أنها تترصد لكل مسلم عربي، وتلك الفئة التي غفلت عن الأمر لعلها كما قالت العرب (لم تستبن النصح إلا ضحى الغد)، أما في الداخل في ربوع بلادنا الغالية فالملفت هذا (التعامل العقلاني الهادي المتزن) من كافة شرائح الشعب والمجتمع كما هي عاداتهم في مثل هذه الأحداث والمواقف ذات المساس بعلاقاتنا مع الأشقاء والأصدقاء وغيرهم، مجتمع لا تستثيره صغائر الأمور ولا تستفزه قعقعة الشنان ولا تستميله أبواق ترقق له الحديث وتنمق له خبيث الكلام لتنال من كرامته ومروءته، تعاملنا مع الحدث كمجتمع متماسك موحد الكلمة والرأي عرفنا أن قيادتنا -ولله الحمد- تنشد الحق ولن تبتلي أحداً لأغراض ملتوية وأدركنا صدق النوايا ونزاهة المقصد، وأن الدولة -رعاها الله- بقيادتها الرصينة تتفانى لحماية هذا المجتمع من آفات تدفع إليها دفعاً وسموم قاتلة تفتك بعقول وأنفس شباب الأمة عماد مستقبلها، ويجني منها العدو المتربص ثروات توجه مرة أخرى لمزيد من الإفساد والتدمير للمجتمعات العربية الإسلامية وتفكيكها وإشغالها عن أهدافها ومقاصدها السامية النبيلة لإضعافها واحتوائها لتكون بالتالي ألعوبة يستثمرها الأعداء لمآربهم الدنيئة القذرة، تعاملنا -ولله الحمد- مع الأحداث المتتالية دون عصبية وتشنج، وبلا انحياز أبله أرعن وخروج عن الصراط المستقيم طريق الحق والعدل والصواب، نحب لغيرنا ما نحب لأنفسنا ونؤمن أن ما يؤلمنا يؤلم الآخرين حتى من غير الأصدقاء فكيف الأمر حينما نكون في هذا الشأن أمام الأهل وذوي القربى؟ فلا يمكن أن نبتليهم ونتهمهم بأمور ليست فيهم، فحقهم علينا أن ندرأ عنهم الشبهات وننافح عن جنابهم ونفعل ما بوسعنا لأن تبقى صفحاتهم ناصعة البياض كما نريد ذلك لأنفسنا، غير أن رسالة لابد أن تقال وتصل بلطف لكل محب وصديق مفاها ومختصرها أن الحق بيّن والباطل كذلك، ومن سلك طريقاً زلقاً لابد أن يتعثر ويتلوّث فلا يلومنّ إلا نفسه وأن لا يرمي تبعات أفعاله غير السوية على الآخرين مختلقاً الأعذار وكاذب الأسباب والأقاويل لتبرئة ذاته ورمي الطرف الآخر بتهم الجور والظلم والتجبر، والإغضاء عن مواقف نبيلة تقفها المملكة مع الدول والأفراد كان العدل والإنصاف هو الفيصل فيها لا ظلم ولا عدوان إلا على من طغى وتجبر جزاءً وردعاً وتأديباً ليس إلا، ولو لم تنصب موازين العدل لانفلتت الأمور وضاعت الحقوق. فبارك الله بقيادة وبشعب ومجتمع يتعامل مع المستجدات من حوله كما فعلنا هنا في مملكة الإنسانية.