كنت في أحد الفنادق خارج المملكة عندما أحرق القس الأمريكي المتعصب «تيري جونز» المصحف الشريف. ورغم إدانة الإعلام الأمريكي لتلك الفعلة الشنيعة، فقد كان هناك من كتب عن القرآن الكريم بلغة مسيئة واصفاً القرآن بأوصاف غير لائقة، بما في ذلك القول بأنه يحض على العنف والكراهية، وانحيازه ضد المرأة، وغير ذلك من الاتهامات.

وكما هو متبع في فنادقهم، كان «الكتاب المقدس: العهد القديم والعهد الجديد» ضمن الكتب والمطبوعات المتاحة للنزلاء، فقررت أن أقرأه. لم تكن تلك هي المرة الأولى التي أطلع فيها على كتابهم المقدس لكنني هذه المرة قرأته تحت تأثير زوبعة القس «تيري جونز» وما تبعها من بعض التعليقات التي ركزت على آيات القصاص ورجم الخاطئين وقطع يد السارق وما شابهها من الآيات القرآنية.

لم تكن قراءتي فاحصة متعمقة، ومع ذلك فقد دهشت وأنا أقرأ بعض ما ورد في «العهد القديم» الذي يمثل كتب اليهود المقدسة بما في ذلك التوراة. وبعد عودتي من السفر قارنت ما قرأته في النسخة الإنجليزية بنسخة عربية من نفس الكتاب.. فماذا وجدت!؟

في سفر LEVITICUS، أو «سفر اللاويين» الإصحاح الثاني عشر جاء أنه إذا حبلت المرأة وولدت ذكراً فإنها تكون نجسة لمدة خمسة أيام ويلزمها ثلاثة وثلاثين يوماً حتى تطهر، ولكن إذا انجبت أنثى فإنها تكون نجسة لمدة أسبوعين كاملين ويلزمها ان تنتظر ستة وستين يوماً حتى تطهر. ولا أدري ما هو تعليق الجمعيات النسائية الأمريكية!؟

وفي سفر DEUTERONOMY، أو «سفر التثنية»، جاء في الإصحاح الثاني والعشرين، أنه إذا تزوج رجلٌ امرأة بكراً ولكنه ادعى أنه وجدها ليست بكراً، فإن على والدها أن يُحضر علامة إلى شيوخ المدينة تدل على عذرية ابنته. فإذا ثبت أنها كانت عذراء يتم تغريم الزوج بمائة قطعة من الفضة، وإذا تبين انها لم تكن عذراء فإن على رجال مدينتها ان يرجموها بالحجارة حتى تموت. وإذا قام رجلٌ بمضاجعة فتاة مخطوبة لرجل آخر، يتم إخراج الرجل والمرأة إلى باب المدينة ويُرجمان بالحجارة حتى يموتا. الفتاة تُرجم لأنها لم تصرخ لطلب النجدة، والرجل يرجم لأنه أذل امرأة صاحبه!

وجاء في الإصحاح الخامس والعشرين من «سفر التثنية» أنه إذا تخاصم رجلان، فتقدمت زوجة أحدهما لكي تخلص زوجها من يد ضاربه ومدت يدها وأمسكت عورته، فيجب «قطع يدها دون شفقة».

هذه مجرد قراءات عجلى، وأجزم أن المتخصصين في الدراسات اللاهوتية والديانات يعرفون أضعافها ويستطيعون تقديم قراءات متعمقة في الموضوع. وسؤالي هو: لماذا يتجاهلون، في تناولاتهم الإعلامية، ما تحفل به كتبهم المقدسة من تعاليم عن القصاص والرجم وقضايا المرأة وغير ذلك، ويؤكدون على هذه الجوانب في القرآن الكريم!؟

للإجابة على هذا التساؤل أحيل إلى تساؤلي المطروح في نهاية مقالي المنشور في هذه الزاوية يوم السبت الماضي. إنه التعصب لا أكثر..!