مواثيق دقيقة في علائق الأرض بمن فوقها، وبما فيها وما تحتها..., إن اختلت بنقض، أو نقص فسدت روابطها، ومن ثم اضطربت العلاقة، وتبادر الخلل..
وبتعبير آخر، فسدت العلاقة.., فانتشرت الأمراض، ونقصت الموارد، وشحّت الأمطار، واتسع ثقب الغلاف الجوي، وتغيّر المناخ، وتشوّهت الأجنّة، وزادت الأمراض... ولدى العلماء باختلاف مجالات تخصصهم الإجابات عن كل سؤال في هذا..
أما إجابة الكتّاب ذوي الحساسية والشفافية ومهارات الاستباق، والتوقُّع، والإحساس فتأتي عفو البوح منثورة، أو منظومة في نصوص تلمح، وتبرق، تومض، وتلتقط، تكشف، وتغوص.., لا تخفى عليها مسارب المواثيق، ولا تفوتها مواطن العطب، ولا تعجزها فكرة متأنية.. أو لمحة مارة.., أو توقع مُستقرَأ،...
رسولهم الناطق الظاهر، والخفي، للتعبير هو لغات أفكارهم، وعقولهم، ومخيلاتهم، وتعبيرهم، باختلاف ألوانها، وإمكاناتها، وبنائها، وقدراتها .. يرسمون الحالة في جملة تغور في التفاصيل، تمس الحقيقة بواقعها تؤثر، تعبر.. قيد الخلوص بحالة الناتج، ومآل العلائق...
كل قارض شعر، وكل سارد نص، - بدءاً بسيدة النصوص المقالة وانتهاءً بالقصة والرواية -, من ذوي الموهبة، والملكة، المحترف ذو الأداة، والدواة، المعبّر ذو الحس، هو بصير ذو اقتدار، مالك يراعه بإتقان، مشبع اللغة ذو تمكن، سيأتي بالنص الكاشف، الراصد للوقائع، المسلم تفاصيلها لكف الزمن بأمانة هذه النعمة التي يملكها..,...
فهل خلص المبدعون لهذه الأمانة كما تتأمّل طيور الفضاء، وزواحف الأرض، والجبال الرواسي، والشواطئ المرافئ, ومنابع الماء، وعرائش الإيواء، وهذه آلات الإنسان تقرضها، وطموحاته تقتلها, وتوسعه يوجعها، والخراب عاصفة تؤمها في ليله, ونهاره..؟
الآن، علا صوت الخراب في علائق الأرض بسكانها، وما حولها .. علواً ينُذر وإن أبهر..
فهو إن أبهر عيوناً ساذجة، فإنه بالتأكيد لا يبهر بصائر ذوي الألباب، والمخيلات, والإحساس، ومقدرات الإبداع، الذين خصّهم الله تعالى بهذه الهبات فيهم، رسل الأقلام، والأفكار، والمحابر، والبوح...!
غير أنّ مواهب المبدعين خفتت، وإن صرخوا.. وأقلامهم ثلمت، وإن ذُهِّبت، وموارد إبداعهم شحّت، وإن تدفّقت بها الوقائع.., وتسطّحت أبجدياتهم، مع وهج تطوير الروافد،.. وشغلوا بالقشور دون اللباب..!
فما الذي خفف وهج إحساسهم، ولعله لم يطفأ..؟
إذ لم تعد أصوات بوحهم جلية مؤثرة، قدر هذا الخلل الملموس في الحالة، المتوقع نتائجه في مآله...!!
الأرض تشكو...
والمواثيق تتمزّق..
والإبداع تجلّت تشققات أبنيته..
والجوع شديد للأدب الفاعل، والحرف الوهاج, وإحساس الناطقين برسالة الإبداع الإبداع..
لا الهامشي المفرَّغ إلى زوال..
ثمة من يقرأ الأبعاد..
فمعاول النقض تدك الأرض، تغيّر السلام، والجمال..
تلوح بالنهايات المرعبة..
مذ تحللت عرى مواثيق الإنسان بالأرض ومقدراتها..
والمبدعون في هذا العالم العربي يتهافتون على خراش..!
بسعة المسافة، وزحف الخراب..!!
عنوان المراسلة: الرياض 11683 **** ص.ب 93855