|
الجزيرة – نواف المتعب:
أوضح الباحث والمتخصص في حوكمة الشركات والمسؤولية الاجتماعية للشركات بجامعة لندن عامر الحسيني أن تدفق الأموال الساخنة للاقتصاديات الناشئة يعد أكبر عامل مخاطر قد تواجهه هذه الاقتصاديات، وقال لـ»الجزيرة» إن سوقنا المحلي يعاني من كون الأغلبية المستثمرة فيه تهدف للمضاربة، أو بشكل أوضح الاستثمار الفردي، مع إحجام كبير عن الاستثمار المؤسسي نتيجة لانخفاض ثقة المستثمر الفرد في هذه المؤسسات ولحداثتها بعض الشيء في السوق.. حيث تشير التقارير إلى أن مبيعات المستثمرين الأفراد في سوق الأسهم قد بلغت 297.76 مليار ريال بنسبة 93.3 في المائة من جميع عمليات السوق، كما بلغت عمليات الشراء في السوق 295.69 مليار ريال بنسبة 92.6 في المائة من جميع عمليات السوق.
وتطرق الحسيني إلى نقطة أخرى، حيث قال: السوق المحلي يعاني من تأثره الشديد بالإشاعات، والتي تعد المحرك الرئيس للمستثمرين الأفراد ودخول الأموال الأجنبية الساخنة سيؤدي إلي حدوث كوارث مالية مستقبلاً، حيث إن هذه الأموال والاستثمارات تستهدف الاقتصاديات الناشئة، وتدخل في عمليات استثمار واسعه تعطي انطباعاً بأن السوق يعيش حالة ارتفاع واستقرار، ثم ما تلبث أن تنسحب بسرعة شديدة مخلفة وراءها كوارث مالية واقتصادية هائلة. حيث يدخل للسوق مجموعة من المستثمرين المحترفين، كأفراد أو كمؤسسات استثمارية، في حين أن المستثمر العادي لا يملك إلا القليل من إمكانات وقدرات هولاء المستثمرين الفنية، وقدرتهم على الدخول والخروج بمخاطر عالية نسبياً على المستثمر الفرد والحقيقة أن هذه العملية تعتبر عملية غسيل أموال تحت غطاء شرعي، فالمستثمرين نتيجة لتوفر السيولة العالية لديهم، يحاولون استثمار جزء من أموالهم في الاقتصاديات الناشئة والتي تسمح للمستثمر الأجنبي بالدخول في سوق الأسهم والسندات وسوق العقار.. هذا الدخول حقيقة يكون لفترة قصيرة مقارنة بالفائدة العظمي التي يحقوقنها. وعند حدوث عمليات جني الأرباح يبادر هولاء المستثمرون بالخروج السريع، محققين عوائد مجزية ومحافظين على رؤوس أموالهم.
وأشار الباحث متخصص في حوكمة الشركات، والمسؤولية الاجتماعية للشركات أن دخول هذه الأموال حتى وإن أعطى صورة مبدئية عن انتعاش الأسواق المالية، وأن هذا السوق يعد سوقاً جاذباً على المستوى المنظور إلا أنها حقيقة تكون عديمة الفائدة الاقتصادية لهذة المجتمعات. فهي لا تساهم في خلق فرص وظيفية، أو توسع رأسمالي في السوق. بل تكون ذات هدف قصير الأجل، وربح مالي بمخاطر منخفضة. أيضاً عملية هجرة هذه الأموال يساهم في الضغط على العملة المحلية وأضعاف مركزها على المستوى الدولي وهي المشكلة تعاني منها كثير من دول العالم النامي. ولنا فيما كشفته تقارير عن الوضع الاقتصادي في مصر، حيث تشير هذة التقارير أن انسحاب الأموال الساخنة المستثمرة من أذون الخزانة وراء تراجع الاحتياطي النقدي المصري من 36 مليار دولار في ديسمبر 2010 إلى 26.7 مليار في نهاية يونيو2011. وقال الحسيني: دخول هذه الاستثمارات يعطي فرصة لحدوث فقاعات اقتصادية في السوق، وتعطي مؤشرات خاطئة وتساهم في حدوث أزمات مالية وتمويلية تؤثر على الوطن بشكل عام من خلال زيادة نسب البطالة، انخفاض النقد الاجنبي، انهيار بعض المشروعات وإفلاسها.
مشدداً على أن هيئة السوق المالية مع مؤسسة النقد مطالبة بإصدار التنظيمات والتشريعية الملائمة للحد من مخاطر تدفق هذة الأموال بفرض قيود على دخولها وخروجها. إضافة إلي الحاجة لوضع نظام ضريبي ملائم يضمن استقرار السوق المحلي أولا.
وأكد الحسيني في ختام حديثه أن الهيئة العامة للاستثمار تستطيع لعب دوراً محورياً في استقطاب هذة الأموال الساخنة وتوطينها في استثمارات المدن الاقتصادية والصناعية، لأن المملكة تمتاز عن كثر من دول المنطقة بوجود الاستقرار الأمني والسياسي إضافة إلى قابلية احتواء المشروعات الاستثمارية طويلة الأجل من خلال التسهيلات المقدمة، ومن خلال برامج المشاركة التي يجب أن تساهم في نقل التقنية وتطوير القطاع الاستثماري في المملكة. وأضاف: استقطاب الاستثمارات طويلة الأجل هو الشريك الأمثل لتنمية مستدامة، أما تسهيل دخول وخروج الأموال الأجنبية فهو تغاضي وتخلي عن مسؤولية حماية الاقتصاد المحلي.