من المعلوم أن كل جامعة من جامعات المملكة تسعى لتكون في مصاف الجامعات المتقدمة، وفي مستوى عال يليق بها، وهذا تنافس شريف بل مطلب مرغوب فيه ولا غرو في ذلك، ولكن: ما هي المعايير التي تجعلها سلماً للرقي وطريقاً للمنافسة؟
لا شك أن المعايير كثيرة منها الفنية والعلمية والإدارية والتقنية والإنشائية ونوعية مخرجات التعليم وقوة الصلة بالعالم الخارجي، وغير هذا كثير.
ومن المعايير ما له دور كبير في تحقيق المنافسة والحصول على الدرجة المرموقة وقد يكون ليس في الحسبان وهو إعداد عضو هيئة التدريس الإعداد الجيد وحسن اختياره، ومدى فعاليته في أداء عمله والقيام برسالته على الوجه الأكمل.
ومن يجري مسحاً على الجامعات فيما يخص عضو هيئة التدريس يجد منهم من ليس أهلاً لتحمل المسؤولية، سواءً من الناحية العلمية أو عدم الشعور بالمسؤولية، ولا شك أن هذا ينعكس أثره على العملية التعليمية، لأن عضو هيئة التدريس والطالب هما محور الأساس الذي يرتكز عليه التعليم الجامعي، فصلاح هذا المحور يعني نجاح الجامعة، ومتى حصل خلل فيه فهو عنوان فشلها.
فهل فكرت الجامعات في آلية تكفل لها معرفة وجود الخلل بين أعضاء هيئة التدريس الذين يزيد عددهم في الجامعة الواحدة عن ألف عضو، لاشك أنها عملية صعبة ولكنها مهمة في نجاح العملية التعليمية.
إن الخلل الوحيد لدى بعضهم يكمن في عدم الشعور بالمسؤولية الملقاة على عاتقه، مع عدم المبالاة بتلك الرسالة والأمانة التي تحملها ناسياً أو متناسياً ما يتقاضاه من مزايا مادية ومعنوية مقابل عمله، والذي يستطيع كشف هذا الخلل عن كثب هو الطالب الذي يلتقي به مباشرة كل يوم في الغالب، والذي هو ضحية تهاونه وضعف أمانته، لأن الأستاذ هو مرآة طلابه التي يرون فيها مدى جهده وإخلاصه في عمله.
ولا تستطيع الإدارة ولا القسم العلمي الحصول على تقييم دقيق لعضو هيئة التدريس دون التعرف على مستوى أدائه وتمكنه من مادته وتعامله مع طلابه داخل القاعة الذي هو من اختصاص الطالب.
لذا فإني أدعو كل جامعة أن تقوم بدراسة مستوى أداء أعضاء هيئة التدريس لديها وتعاملهم مع طلابهم وقيامهم بواجباتهم دراسة وافية ودقيقة، وذلك بالآلية التي تراها مناسبة، وتطالب الأقسام العلمية بتقديم تقرير دقيق عن ذلك، ليقال للمحسن أحسنت وللمسيء أسأت، ولا مانع أن يستعين القسم العلمي برأي نخبة متميزة من طلاب القاعة، ثم تتخذ الجامعة الإجراء اللازم في التعامل بحزم مع كل من يخل بأمانته دون هوادة.
فالطالب الجامعي هو الغراس الذي تسعى الجامعات إلى إصلاحه وتهذيبه وتعليمه، وهو الهدف من إنشاء الجامعات، لما يعقد عليه من الآمال - بعد الله - في المستقبل، وصلاح الأستاذ وإخلاصه يعني صلاح طلابه، لأنه قدوتهم في حياتهم العلمية والعملية.
إن نجاح التعليم على مختلف مستوياته لا يتطلب المظاهر الشكلية والاهتمام بالشكل دون المضمون، وإنما بصلاح الراعي تصلح الرعية وكل عضو هيئة تدريس راع ومسؤول عن رعيته.
إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله.
dr-alhomoud@hotmail.comالمعهد العالي للقضاء