تمتد معرفتي بصاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز لما يقرب الثلاثين عاماً بدأت بحضوري لفعاليات حفل تخرج طلاب فرع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في أبها، ثم تلا ذلك. وعلى مدى واحد وعشرين عاماً في إمارته لمنطقة القصيم، وما من حفل رعاه سموه أو مجلس تحدث فيه إلا وجدت فيه أنموذجاً صادقاً للمواطن المخلص، وللوالي المؤتمن (وليس من راءٍ كمن سمعا)، فسموه محب لدينه ولمليكه ولوطنه ومجتمعه، يحب جمع الكلمة ووحدة الصف يسعد بكل مجتهد وعامل متفان، شغوف بالعمل على بناء الإنسان والأوطان على حد سواء واهتمامه بكل ما من شأنه النهوض بمستوى المدن والقرى التي يشرف على إدارتها بالعمل الجاد المثمر، وحرصه على المحافظة على ممتلكات الوطن وصيانتها والمحافظة على الأموال العامة وعدم إهدارها في الاستعمال السيئ للمرافق.
ويدرك سموه أهمية بناء الإنسان، وأنه المكون الرئيس للأوطان، فنجده حريصاً على كل ما من شأنه تعليم وتدريب أبناء المجتمع والارتقاء بمستواهم العلمي، والمحافظة على القيم والسلوك والأخلاق، وكان حديث سموه دائماً عبقاً شيقاً يخرج من القلب ودونما تكلف، ولكنه حين يتحدث تؤكد كلماته وترسخ في ذهن المستمع أنها انطلقت من قراءة متأنية ومستوفية للواقع وللمصادر حتى تخرج بقالب من الحكمة والبلاغة والوضوح والطرح العلمي والعملي الرزين.
وتتويجاً لجهود سموه الطيبة تأتي جائزة سموه الكريم لحفظ القرآن الكريم للبنين والبنات بمنطقة القصيم التي أعلن عنها منذ فترة، وتم الاحتفال بها في الأيام الماضية، وقد سبق لي الحديث عن الجائزة وفوائدها وما يتوخى منها، وشكر سموه على هذه المبادرة التي تأتي ضمن سلسلة المسابقات الخيرة التي ترعى من ولاة أمرنا -حفظهم الله- وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده الأمين، وأمراء المناطق، وقد حرصت على الاطلاع على كلمة سموه بعد أن تعذر علي لظروف عملية حضور حفل تكريم المتسابقين الذي عقد مؤخراً في مدينة بريدة، وكان مما جاء في كلمة سموه الكريم التأكيد على أن هذا الحفل وهذه الجائزة هو امتداد لنهج قادة هذه البلاد المباركة منذ قيامها إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز -متعهما الله بلباس العافية-.
مؤكداً سموه فخر بلادنا المباركة المملكة العربية السعودية باتخاذها كتاب الله -عز وجل- منهجاً للحكم به، والتحاكم إليه، وأن ذلك لم يكن بمحض الصدفة، ولا مراء فيه، بل هو دين تدين الله به، ويفاخر قادتها بذلك، وأننا نحمد الله على هذا التوفيق والمنة، ولم ينس سموه في هذه المناسبة تذكير أبنائه الطلاب من حفظة كتاب الله -عز وجل- بألا يقتصر الأمر على حفظ كتاب الله، بل ينبغي تدبر معانيه بالرجوع للعلماء، والاستفادة من علمهم وسؤالهم فيما يلتبس عليهم فهمه وتفسيره من كتاب الله -عز وجل-، وأن في ذلك بإذن الله منجاة من الزلل والوقوع في الأخطاء، وأن الرجوع إلى الراسخين في العلم لبيان ما تشابه منه أمر جاء به الشرع وبينه الله، سبحانه وتعالى.
لست في معرض تقديم قراءة كاملة لما في كلمة سموه؛ فقد تم نشرها في وسائل الإعلام، ولكنني أؤكد مرة أخرى على أن ما يصدر من سموه من أقوال أو أفعال ليست بدعاً من سموه، بل هو أنموذج صادق لمدرسة القيادة وتنفيذ لتوجيهات ولاة الأمر الذين اختاروا فأحسنوا الاختيار فيمن يمثل خادم الحرمين الشريفين في المنطقة، وإنني أعلم أن سموه لا يرضى بما قلت فقد سبق أن تشرفت باتصال هاتفي من سموه عقب إحدى المقالات، وكان سموه بلباقة عاتباً علي فيما ذكرت من ثناء، ولكن من الواجب عليّ أن أتحدث، وأكتب عما سمعت ورأيت ووقفت عليه بنفسي مباشرة أو ما سمعته من العلماء والوجهاء وعامة الناس عن مآثر سموه وتواضعه، وكثرة ما سمعت عن أخباره ومناقبه التي كانت على كل لسان، وأن نقول كلنا بصوت واحد للمحسن: أحسنت.
خاتمة:
في الأسبوع قبل الماضي رعى سموه الكريم حفل المجمع الخيري ببريدة حينما وضع سموه حجر أساس مدينة الخير، وهو امتداد لرعاية سموه لأعمال الخير والبر بالمنطقة، ولعل حديثي هنا يقتصر على الإشارة لمسابقة وجائزة سموه لحفظ القرآن الكريم، ولعل الحديث عن المناسبة المشار إليها وغيرها من المناشط الخيرية والاجتماعية تكون في مقالات قادمة بإذن الله.
alomari1420@yahoo.com