تنافسَ على جائزة سمو الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز أكثر من اثني عشر ألف حافظ فشكراً للقائمين على هذه الجائزة، وشكراً للأمير فيصل دعمه لهذه المسابقة القرآنية ورعايته لها وتكفله بجميع شؤونها المالية من نفقته الخاصة، وهو امتداد تاريخي لاهتمام قادة هذه البلاد المباركة بالقرآن الكريم وحفظته من البنين والبنات، فهذه المسابقة من ضمن المسابقات القرآنية التي تنظم في مختلف أرجاء المملكة، والإنفاق على مثل هذا العمل المبارك، والتشجيع عليه في كل صورة، وأعماله أمر محمود، لما تحققه هذه المسابقات من تنافس مبارك في حفظ القرآن الكريم وتلاوته وتفسيره.
وأقترح أن يضاف لبنود هذه الجائزة: جائزة البحث العلمي في القرآن الكريم ؛ لتكون نواةً وحراكاً علمياً مميزاً وبخاصة إذا عرفنا أن العالم اليوم من حولنا يعج بالمؤتمرات العلمية البحثية التي تهدف لإثراء العقل وتنمية الحراك العلمي والفكري في الحياة، وليكون هناك تزاوج بين الحفظ والفهم، ولتربية الناشئة على حب البحث وطرقه ومناهجه، والقرآن الكريم يدعو إلى النظر والتفكر والتدبر فقد بين القرآن الكريم أن الفهم والعقل متوقفان على العلم بوصفه شرطاً أساساً : {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ }، وقد شرح القرآن الكريم الأسباب التي تقوي العقل وتربيه وتعضده، سواء من داخل الإنسان أم من خارجه فهناك العديد من الآيات القرآنية التي تولَّت تفعيل حركة التعقل لدى الإنسان؛ وذلك بتسهيل الطريق أمامه وفتح آفاق المعرفة والتذكير بعواقب الأمور، فمن ذلك قوله تعالى: {كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}، وكذا {ذلكم وصَّاكم به لعلكم تعقلون}، وقرَّعَ ووبَّخَ على عدم الفهم والعقل وعدم التعقل: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابّ عِندَ اللّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ}، كما بين تأثير الفهم على الخارج في حركة تفاعلية من الداخل إلى الخارج {وإذا ناديتم إلى الصلاة اتَّخذوها هزواً ولعباً ذلك بأنهم قوم لا يعقلون}.
ولأجل ذلك نهى القرآن الكريم عن اتباع الظن: {ولا تقف ما ليس لك به علم إنَّ السمع والبصر والفؤاد كلُّ أولئك كان عنه مسؤولاً}.
وكذلك بيَّنَ ضرورة التدبر التفكر والاعتبار فقال: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا}، وبين أنَّ العالم الذي يفهم لايساوي الجاهل الذي لايفهم فقال:
{قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ}.
* أستاذ الدراسات الإسلامية المساعد بجامعة القصيم