الشمسُ، مهما شارفتْ لمغيب
وطمت عن الأبصار بعد غروبِ
فهي التي تُهدي إلينا نورَها
في وَجْه بدرٍ ساطعٍ محبوبِ
وكذلك الإيمان تشرق شمسُه
في كل ناحية بدون مغيبِ
إني أقول مقالة ممزوجة
من كل معنى مشرق، بنصيبِ:
يا مَنْ تطاول مسرفاً في غيِّه
ومضى يغـذِّي نفسه بذنوبِ
مَنْ عاش بالأوهام وهو مكابرٌ
فهو الشقيُّ بوعيه المسلوبِ
تاريخ أُمَّتك العريق مشرِّفٌ
يسمو عن التلفيق والتكذيبِ
هي أمةٌ تمشي على درب الهدى
تزهو بثوب للعفاف قشيبِ
لجبالها معنى الشموخ، وسَهْلُها
متوشحٌ بعباءة التهذيبِ
أما الهضاب فقوةٌ ومتانةٌ
وثبات رأي، واحتمال خُطوبِ
ما ضرَّها مَنْ يستغل سخاءها
ولقاءها للضيف بالترحيبِ
هي للمكارم والمروءة دِيْمةٌ
تَهمي على نائي الخُطا وقريبِ
عسلٌ وسمنٌ للضيوف وخُبْزةٌ
قمحية، ورضا ونفحةُ طيبِ
هي أمة مسكونة بشموخها
ولها من الأمجاد خيرُ نصيبِ
إن كان مُلْحِدُها سيحرق ثوبها
ويصيب صَفْو أديمها بندوبِ
إن كان ميزانُ التطوُّرِ عنده
أن تُصْهَرَ الأخلاقُ بالتذويبِ
إن كانت الآداب في ميزانه
لغةً من «التجديف» والتأليبِ
إن كانت الأفكار في تقديره
مرهونةً بحداثةِ التعليبِ
إن كان هذا ما يريد بفكرنا
متغرِّبٌ، فالأمر جِدُّ مُريبِ
يا من ظننتُ - وقد أظلُّ - بوعيهم
خيراً، وإنْ أسمعْتُهم تأنيبي
إني أقول لكم مقالة ناصح
والنصحُ غاية صاحبٍ وحبيبِ
لا تحسبوا أن المخاتلَ صادقٌ
إنَّ المخاتلَ في الحياة كَذِيْبِ
بئس العقول إذا استحالَ طُموحُها
وَهْماً ورَمْزَ تطوُّرٍ مكذوبِ
بئس الثقافة حين تصبح رقصةً
غربيةً في مسرحٍ مجلوبِ
بئس الثقافة حين تخلع سِتْرَها
عبثاً وتزحفُ زحفةَ الحلبوبِ
يا مَنْ تديرون الثقافة، إنَّها
لأمانةٌ في عصرنا المنهوبِ
إيقاع أمَّتكم أصيلٌ فاتركوا
إيقاعَ «لَبْرَلةٍ» ورقصةَ «بُوْبِ»
لا تحسبوها جرأةً محمودةً
هي - لو وعيتم - خَبْطَةُ التغريبِ
هي وثبةٌ مقلوبةٌ ولكم هوى
أعمى الفؤادِ بوَثْبِهِ المقلوبِ
إنْ صارت الآدابُ رَمْزَ تذبذُبٍ
فَلْيبتلع شفتَيْه كلُّ أديبِ
إني أُكرِّر ما أقول مواجِهاً
أخطاءنا بالنقدِ والتصويبِ:
ستعيدُ أُمَّتُنا مَقَامَ شموخِهَا
بثباتِ إيمانٍ وصَفْو قلوبِ