الاختيار لأي شخص لإيكال عمل له أو مسؤولية تناط به وهو حكمة وإرادة وبُعد نظر وقبل ذلك ومعه تحرِّ للأفضل.
الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - تعودنا منه وطناً ومواطناً: الحرص الشديد على اختيار من ينيط بهم شأناً من شؤون الدولة عملاً أو استشارة، وهو شديد الحرص على ألا يكلّف ((إنساناً)) بعمل إلا إذا تحرى فيه الأمانة والخبرة والنزاهة، لأنه على قناعة - حفظه الله - أن الإمكانات والمال وحدها لا تحقق هدف التنمية وبناء الوطن وسعادة المواطن، لكن لابد مع هذا من رجال يقودون العمل، ويصدقون بالقول، والحكمة الصادقة تقول: ((أعطني قائداً أعطك جنداً)).
***
من هنا ولاستشعاره - حفظه الله - بحساسية المسؤولية وأهمية الأمانة، وإبراء الذمة فهو بالغ الحرص على انتقاء الكفاءات من أبناء هذا الوطن، وأحسبه يشعر - حفظه الله - بالارتياح عندما يجتهد بالاختيار وفق ((المعايير)) الدقيقة التي ينطلق منها.. ودائماً ما نسمع منه كلمة بالغة التأثير عندما يختار المسؤولين لأي عمل من أعمال الدولة: ((لقد خرج من ذمتي إلى ذمتكم)) ولقد شعرنا - بوصفنا مواطنين - بتوفيق الله باختياراته بدءاً من اختياره لسمو ولي عهده الأمير نايف وامتداداً للاختيارات الأخرى.
***
لقد كان آخر اختيارات الملك عبدالله - رعاه الله - التي لاقت ارتياحاً من أبناء الوطن بل ومن مئات الملايين من المسلمين في أرجاء الدنيا: اختياره معالي الشيخ الفاضل: عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس لرئاسة شؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي وهو يدرك - رعاه الله - أهمية هذا المنصب الذي يعني مليار ونصف مليار مسلم في هذا الكون، والشيخ السديس هو ابن هذه المؤسسة التي هي أحد تيجان هذه الدولة، وحسبها أن قائدها فضّل ((خدمة الحرمين)) على أي لقب دنيوي آخر، فضلاً عن أن الشيخ السديس عُرف بغزارة علمه وسماحة حلقه ومعايشته للناس ومعرفته أحوال المسلمين، كما أنه يدرك متطلبات هذه المسؤولية الجسيمة للنهوض بمسؤوليات خدمة المعتمرين والحجاج وتقديم أرقى الخدمات لهم، وتوظيف ما تقدمه الدولة من الإمكانات المادية والبشرية الكبيرة ليكون ((بيت الله ومسجد رسوله)) على أفضل صورة في خدماتهما ونظافتهما وتنظيمهما وفرشهما لخدمة وإراحة الركع السجود بين جنباتهما.
***
والشيخ السديس قبل ذلك وبعده ((إمام الحرم)) الذي شنّف الآذان وأسعد القلوب بنداوة صوته، وحضوره وخشوعه وهو يتلو كتاب الله ويؤم الناس، ويدعو إلى دين الله على بصيرة بتلاوته المباركة التي يّصغي إليها مئات الملايين من المسلمين عبر النقل المباشر للصلوات طوال العام من خلال القنوات السعودية والفضائية، وإننا لا نملك إلا الدعاء لشيخنا الجليل بالتوفيق والسداد لتقديم المزيد في خدمة بيت الله الحرام ومسجد المصطفى وقاصديهما وبخاصة أن بيت الله الحرام مقبل على أكبر توسعة بتاريخه: توسعة الملك عبدالله وقبل ذلك حل توسعة المطاف، هذه التوسعة التي ستهيئ الطواف للملايين - بحول الله - بكل يسر وسهولة وتخفف الزحام الذي أصبح - بالمطاف - مستمراً طوال العام..
إن الشيخ السديس سيكمل - بإذن الله - ما بدأه مشايخه السابقون وآخرهم معالي الشيخ الزاهد صالح الحصيّن - متعه الله بالصحة - الذي أبلى بلاءاً حسناً في خدمة الحرمين الشريفين.
***
وأخيراً بقدر ما سعدنا بهذا الاختيار لفضيلة الشيخ السديس فستظل سعادتنا متواصلة ونحن نصلي خلفه، ونستمع إلى صوته الندي يؤم المسلمين في بيت الله العتيق، وفقه الله وأعانه على مهام ((الإمامة والرئاسة)) وهو أهل لذلك بإذن الله.
hamad.alkadi@hotmail.comفاكس: 4565576 ---- تويتر @halkadi