يقول العلامة السيد علي الأمين: “7 أيار أشد ألما في صدري من وقع السيوف”، هذا التاريخ يوافق يوم الاثنين الفائت، الذي هو غصة ألم تخنق لبنان، وجرعات من الجراح المكثفة بعد أن اغتصب الوطن أبناء الوطن.. هذا يوم الاحتلال الذي رفع فيه حزب الله السلاح في وجه أهله ووطنه، وأول ما توجهت فوهة السلاح الغادر بدأت بالأقرب وهو السيد علي الأمين، مفتي صور الجعفري، الذي تم انتهاك حرمة بيته وحرمة دار الإفتاء لأن له رأيا لا يتوافق مع حزب الله وميليشيا طهران، ولأنه قال كلمة الحق ورفض الانشقاق عن وطنه لأجل ما يسمى بـ”ولاية الفقيه”، ولأن له آراء دينية ترفض الطعن والهمز واللمز بأم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر، والصحابة -رضي الله عنهم أجمعين- ولأن السيد علي الأمين لا يدين بالولاء لإيران، ويحب وطنه، ويخاف على لبنان، ويحب دينه، ولا يريد حدوث إنشقاق طائفي، كما هو عنوان آخر مؤلفاته: “السنة والشيعة أمة واحدة”، والذي استمتعت بقراءته ورؤيته التنويرية بعد أن وصلني إهداؤه مشكورًا.
إن كانت لبنان جريحة، فجراح السيد علي الأمين لا تقل عنها، فقد لاقى ظلم ذوي القربى وهو أشد أنواع الظلم، فقد كان إلى جانبهم، في الأفراح والأتراح، وقف يأخذ عزاء أمواتهم، داوى جراحهم، فانقلبوا عليه لأنه رفض أن يكتم علمه ونصيحته لأجل الحق، فخرج من بلدته بقوة السلاح وتمت مصادرة أملاكه ومكتبته وأوراقه ومستندات تخصه وأخرى تخص آخرين، كل هذا حدث لأن أراءه صدحت بكلمة الحق، فتنازل عن منصبه وبيته وأمنه ورفع كفه حاملا عليها روحه لأنه أبى إلا أن يقول في وجه حزب السلاح: لا للظلم.. ولا لمن ينتهك سيادة الوطن!
إن الحالة التي يُمكن قراءتها من خلال حكاية السيد علي الأمين مع ميليشيات حزب الله، وغيره من الطائفة الشيعية “المعتدلين” الذين لديهم أفكارًا تختلف عما نسمعه أو نراه من “المتطرفين” من عداء لمن يخالفهم الرأي، وفجور في الخصومة قد يصل إلى أعلى درجات الخسة والحقارة، تؤكد أن هؤلاء مذهبهم سياسي وليس دينيا. وهنا سؤال أود طرحه على بعض الإخوة الشيعة في الخليج العربي، والذين لا يتوانون عن مهاجمة كل من ينتقد سياسة حزب الله وقيادته، فأين هم من الدفاع عن السيد علي الأمين؟ لماذا لا يقوموا الدنيا ولا يقعدوها دفاعًا عنه وهو رجل دين شيعي وكان على رأس الإفتاء، أم أن الانتقائية الطائفية لا تصطف إلا باتجاه المِرِّيد ذي الولاء الفارسي؟!
إن هذا الإقصاء الطائفي، ومصادرة الرأي المخالف، هو علامة تجعل من يتابع هؤلاء يتعرّف عليها تلقائيًا. ومن تجربتي الشخصية فيما كتبت من مقالات، وبعد نشر كتابي: “ثورة الشعب وثورة الطائفة.. سوريا والبحرين” أجد الردود من “بعض” هؤلاء واحدة، وأسلوب الفجور -الإنترنتي- متشابه إلى حد كبير، وطريقة تهييج الآخرين على صاحب الرأي المخالف لهم، على نفس خطى الأسلوب الصهيوني، الذي أقصى كل من خالفه أو انتقد نهجه، ولنا في هذا مثال: الكاتب البريطاني روبرت فيسك، الذي لم يرَ في حياته كلمات مليئة بالحقد والبذاءة كتلك التي وصلته من مناصرين لإسرائيل!
إن فهم هذا الأسلوب الطائفي المعتمد على الإقصائية والذي يستخدم المراوغة تارة، والحروب غير الشريفة تارة أخرى، لا يحتاج إلى بحث كثير لأن الدروس الصهيونية يتم تطبيقها بحذافيرها، بعد أن تم تشكيلها وتلوينها بنكهة إيرانية!
www.salmogren.net