بلغ عدد المستحقين لمخصص إعانة البطالة مليوناً ومائة وستين ألف مواطن الشهر الماضي حسب موقع صندوق تنمية الموارد البشرية، وبمراجعة البيانات الإحصائية، فإن عدد القادرين على العمل من السعوديين بلغ في آخر إحصاء منشور (117.990.990 نسمة) والقادرون على العمل حسب تعريف منظمة العمل الدولية هم صحيحو البنية والعقل بين عمر 15 و65 سنة، أي أن نسبة الحاصلين على إعانة العمل من مجموع القادرين على العمل هو (10%) ونسبة العاملين منهم هي (22%) وهذا المعيار جديد وله مدلول جديد أيضاً، ولكن لو أردنا قياس البطالة على اعتبار أن الحاصلين على إعانة البطالة باحثون حقيقيون عن العمل حسب معايير حافز وقسنا نسبتهم لحجم سوق العمل الفعلي، والمتعارف عليه أنه مجموع العاملين على رأس العمل زائد العاطلين عن العمل والذي بلغ (9.307.992 نسمة) ويشمل هذا الرقم الأجانب باستثناء خدم المنازل فإن نسبة البطالة تكون (12%) مع العلم أن حافز مقصور الاستحقاق على منهم بين عمر 20 و35 سنة أي أنه ربما لو حدد حسب تعريف المنظمة الدولية لأصبح أكبر من مليون ومائة وستين ألفاً. وبالتالي ارتفعت النسبة لحدود أكبر، المثير للاستغراب أن هذا يحدث في اقتصاد ينمو بنسبة (6%) حسب توقعات وزارة الاقتصاد. هذا الواقع المربك هو نتيجة القصور الواضح في فهم آليات عمل سوق العمل لدى المخططين في وزارة العمل، وقصور قدرة الوزارة على تصميم حلول منطقية وفاعلة لمواجهة البطالة.
إعانة البطالة نظام معمول به في العديد من البلدان، ولا أعرف بلداً في العالم يدفع إعانة بطالة لمن لم يعمل بعد، وهذا ما هو عليه حافز، إن إعانة البطالة تدفع عندما تشتد الأزمة الاقتصادية في بلد يتعذر على طالب العمل وجود أي وظيفة مهما كانت، والهدف منه هو تيسير الحياة ومكافحة المشاكل الاجتماعية والأمنية التي يخلقها انعدام العمل، أما حافز فهو حافز لعدم العمل، حيث يركن البعض له فهناك من ترك العمل الذي كان يقوم به ليستحق حافز وآخر ذهب يلغي السجل التجاري الذين كان يأمل أن يعمل من خلاله، وكثيرون من ربات البيوت اللاتي لم يكن العمل خياراً في الذهن لهن وجدن أنفسهن مستحقات لحافز فلمَ لا تقتنص الفرصة، حافز نظام ولد كسيح، نعم هو آلية لتوزيع ملايين الريالات ربما تنتهي معظمها لصناديق شركات الاتصالات ومطاعم الولائم، ولكنه ليس حافز للعمل، عندما وضعت وزارة العمل هذا النظام، تذكرت النكتة المصرية (حيث كان أحدهم يبحث عن شيء في الأرض فسأله الشرطي عماذا يبحث، فقال مفتاح الشقة، فسأل الشرطي أين سقط منك؟، قال في الشارع الثاني، فقال لماذا تبحث هنا إذاً ؟! قال لأن هنا فيه نور)، وزارة العمل وجدت أن معالجة البطالة بهذه الصورة لأن هنا فيه (فلوس).
لذا نقول لوزارة العمل المشكلة لا تحل بدفع الفلوس لمن يجعل من نفسه عاطلاً ليستحق الفلوس.
حل مشكلة البطالة هو في إيجاد عمل لطالب العمل، حل البطالة هو في مساعدة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة استيعاب طالبي العمل السعوديين، حل البطالة هو في تغيير مفاهيم الآلاف حول حقيقة العمل وكونه عملية تبادل للمنفعة، حل البطالة هو في العمل على تغيير واقع بيئة العمل بحيث تصبح بيئة تقنية تستهوى المواطن وتستعصي على الآلاف من العمالة الرخيصة.
يا وزارة العمل نحن في بلد تبلغ المساهمة الاجتماعية بالعمل 22% وهي من أدنى النسب في العالم ولدينا بطالة تبلغ 12%، هذا الخلل أليس كافياً لنقلق فقد بلغ السيل الزبى وأنتم لا تعملون شيئاً يذكر سوى الخطب الرنانة ووعود الشركات الاستشارية، أن المشكلة تستفحل كل يوم، وسنرى مستحقي حافز يرتفعون في أعوام قادمة لأرقام غير منطقية ومثقلة كاهل ميزانية الدولة، فإما تتخلى الدولة عنه أو يعود بها للاستلاف، وفي كلتا الحالتين طامة نرجو الله النجاة منها.
mindsbeat@mail.comTwitter @mmabalkhail