يحاول نفر منا أن يكون حاضراً في وسائل الإعلام، فيتحدث لها عن غير علم، بأن يلوي عنق الحقائق، وأن يكيل الاتهامات يميناً ويساراً لهذا وذاك، دون أن يستثني صغيراً أو كبيراً، ودون أن يتحرك ضميره، أو يعود إليه رشده، أو يتعلم الدرس من ماضيه.
***
الشيخ عبدالمحسن العبيكان هو من هذا النوع، يتصرف هكذا، حتى ولو كان على حساب مصلحة وطنه ومواطنيه، فيستخدم الدين في تمرير أهدافه، مدعياً أنه يذب عن الإصلاح، ويحارب الفساد، مع أن ما تحدث به مؤخراً هو عين الفساد والإفساد.
***
أتساءل: كيف لمن هو في موقعه ومسؤوليته الوظيفية أن يقول مثل ما قاله، وأن يتحدث عن القضاء والعدل ووزيره، وعن من هم موضع ثقة الملك من المستشارين والمسؤولين، بمثل ما تحدث به، فيخون بذلك أمانة عمله، ويسيء إلى هيبة الدولة، ويتطاول دون وجه حق على ما ينبغي أن يكون له الطاعة والإخلاص والولاء.
***
إنه تصرف أحمق لا يقوم به ولا يقدم عليه من يملك عقلاً راجحاً، ونضجاً في التفكير، وسلامة في المقصد والنية، فهو أسلوب يلجأ إليه عادة المهزوم في ذاته، وغير المدرك لمصلحة وطنه ومواطنيه، وهو سقف أعلى لعدم الشعور بالمسؤولية يصل إليه الإنسان عندما يعطى أكثر من حجمه، وعندما يقدر بأكثر مما يستحق، وعندما يكون التسامح مع أخطائه وتصرفاته غير مقدر منه.
***
وإن أحداً لا يرفض النقد الموضوعي الذي يدل على الخير، وليس أياً منا في عداء مع النصح، أو نقل الحقائق المجردة من هوى النفس، لكننا أيضاً مع حفظ اللسان من أن يتفوه بكلمات غير أمينة، أو أن يتحدث بما يضر بمصلحة الوطن أمناً واستقراراً، وليس بيننا من يدعي الكمال، أو ينأى بنفسه عن قبول النصيحة، ملكاً كان أو أميراً أو وزيراً أو مواطناً في موقع المسؤولية، وهو ما أكد عليه ويؤكده دائماً الملك عبدالله بن عبدالعزيز في كل المناسات.
***
فما الذي حدا بعبد المحسن العبيكان بأن يسمح للسانه بتجاوز أدب الحوار، ولا يتأدب بما أمرنا به ديننا الحنيف أو نهانا عنه، وفي توقيت دقيق نحن أحوج ما نكون فيه إلى التلاحم ورص الصفوف في مواجهة الأعداء المتربصين بنا شراً، وهل يملك الشجاعة الآن وليس غداً ليعتذر للمواطنين، وتحديداً لكل من أساء إليهم حتى ولو كان تلميحاً لا تصريحاً، عوضاً عن المكابرة والتمسك بآراء غير منضبطة وبعيدة عن الواقع.
***
لقد بلغ السيل الزبا - كما يقولون - وآن للعبيكان بعد أن قال ما لا يقال أن يريح ويستريح، إذ ما الفائدة من مستشار تسلم له بعض قضايا الأمة لإبداء المشورة والرأي، وهو على هذا النحو من التهور والانفلات في القول دون أن يخشى في قول كلمة (الباطل) من لوم لائم.