إحصاءات العاملين السعوديين في القطاع الخاص بعد تطبيق برنامج نطاقات تظهر أنه لم يحقق نتائجه المرجوة، بل على العكس من ذلك أسهم بفاعلية في تشجيع السعودة الوهمية وتخفيض نسبة السعودة الحقيقية في القطاع الخاص. فوفق بيانات المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية التي أعلنت الأسبوع الماضي فإن نسبة السعوديين المسجلين بأجر لا يتعدى 1500 ريال شهريًا في نظام التأمينات الاجتماعية
قد ارتفعت إلى 33% من إجمالي السعوديين المسجلين في النظام البالغ عددهم حاليًا 973.280 مشترك، أي أن عدد السعوديين الذين لا يتجاوز أجرهم 1500 ريال يبلغ حاليًا 321.182 مشترك. وإذا أخذنا في الاعتبار أن عدد السعوديين المشتركين في التأمينات في عام 1431، أي قبل تطبيق برنامج نطاقات، كان 852.039 مشترك، نسبة المسجلين منهم بأجر 1500 ريال أو أقل 25%، فإن ذلك يعني أن ما يزيد على 75% من السعوديين المضافين حديثًا لنظام التأمينات، أي بعد تطبيق برنامج نطاقات، المقدر عددهم بحوالي 121.000 سعودي، سُجِلوا لدى التأمينات الاجتماعية بالحد الأدنى للأجر المسموح به وهو ما يفسر ارتفاع نسبة هذه الفئة بين المشتركين في النظام حاليًا، ويؤكد أن معظم هذا النمو في عدد المشتركين يأتي ضمن سعي شركات القطاع الخاص لتلبية متطلبات برنامج نطاقات وهميًا ولا يمثل نموًا حقيقيًا في عدد العمالة المواطنة في القطاع الخاص. أنا شخصيًا لست مستغربًا ولا متفاجئًا بهذه النتيجة فقد كانت متوقعة، وقد ذكرت ذلك في مقال نشرته قبل تطبيق برنامج نطاقات طالبت فيه وزارة العمل بإعادة النظر في هذا البرنامج قبل تسببه في نتائج عكسية على مشروع السعودة، ثم أكّدت ذلك في مكالمة أجريتها مع أحد كبار مسئولي الوزارة عندما اتصل بي معقبًا على ذلك المقال، وقلت له: لو أن هذا البرنامج يملك فرصة نجاح تصل حتى إلى 50% لكان من الممكن تبرير تطبيقه أما أنه لا يملك أدنى فرصة للنجاح فالأولى تراجع الوزارة عنه ووقف تنفيذه. ففكرة أن تكافئ مؤسسات القطاع الخاص على أي نجاح تحققه في جهود السعودة من خلال منحها مزيدًا من التأشيرات فكرة لا تحتاج إلى أن تكون عبقريًا أو مُلهمًا لترى عدم منطقيتها وكونها مدمرة لمشروع السعودة. فبرنامج نطاقات يكافئ الشركات التي في النطاق الأخضر بمنحها الحق في مزيد من الاستقدام وبالتالي فتح الباب مشرعًا أمامها لتحقيق اعتماد أكبر على العمالة الأجنبية طالما أن ذلك لم يتسبب في انتقالها إلى النطاق الأصفر، والشركات التي يُوقف الاستقدام عنها تُمَكن من ذلك إن هي رفعت نسبة سعودتها ووصلت إلى النطاق الأخضر حتى لو كان ذلك من خلال توظيف وهمي غير حقيقي. بالتالي فإن التوظيف الإضافي للأجانب توظيف حقيقي يزيد من اعتماد القطاع الخاص على العمالة الأجنبية، بينما توظيف السعوديين في معظمه وهمي يستهدف فقط تكميل الحد الأدنى المطلوب للوصول إلى النطاق الأخضر.
وفي ظل هذه النتائج غير الإيجابية التي تحققت خلال ستة أشهر فقط من تطبيق هذا البرنامج فإنه حري بوزارة العمل مواجهة هذه الحقيقة بشجاعة فتوقفه قبل استفحال نتائجه الكارثية على مشروع توطين الوظائف، فبرنامج حافز قد أظهر الحجم الحقيقي للبطالة وحلها لن يكون ممكنًا إلا من خلال برامج توطين واقعية منطقية تدفع إلى مزيد من الاعتماد على العمالة المواطنة لا برامج تعيد مشروع السعودة إلى المربع الأول كما هو حال برنامج نطاقات.
alsultan11@gmail.comأكاديمي وكاتب اقتصادي *** on twitter @alsultanam