أطرق اليوم باباً ربما يكون مغايراً لما سبق واعتدتم عليه، أرسم لكم كلمات مختلفة، ليس من باب التشدّد ولا من قبيل التوقف وربما التعثر لأجل أشياء صغيرة، وإنما لأجل المحافظة على عِقد أثير، بل كنز ثمين هو مرجعنا وزادنا الذي لا بد أن يكون قضية تشغلنا جميعاً عرباً ومسلمين..
أتاحت لنا وسائل التواصل الاجتماعي خدمات كثيرة منها المباشر وغير المباشر، من هذه الخدمات غير المباشرة، التعرف على أمور أخرى عدا التواصل الاجتماعي، فهي تعكس ثقافة المتعاملين معها إضافة إلى مستواهم اللغوي حيث يكتب الجميع مباشرة غالباً بأنفسهم وعن الأخطاء الإملائية حدث ولا حرج، هذه الأخطاء ليست مقصورة على طلاب المدارس أو أنصاف المتعلمين وإنما تشمل الجميع، والأمر المذهل الذي لم أستوعبه أو استمرئه حتى الآن أن أجد خطأ لدى شخص ناضج مؤهل مختص بأمر ما من أولويات وظيفته القراءة باستمرار (هذا هو المفترض)، الشخص الآخر الذي حيرتني أخطاؤه حقا هو أستاذ جامعي، اختصاصه ليس بعيداً عن اللغة العربية!
كل الأخطاء سيئة تهشّم اللغة الجميلة وتضعفها، لكن هناك أخطاء يمكن تمريرها وأخطاء أخرى يصعب تمريرها أو مسايرتها لأنها ربما تغير المعنى المقصود، على سبيل المثال، هناك خطأ في كتابة (سأل) البعض يكتبونها هكذا (سئل) وقد كاد أن يداخلني الشك حين رأيتها تتكرر كثيراً أمامي فعدت إلى القرآن الكريم لأجدها في سورة يوسف {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيْرَ الَّتِي} (82) سورة يوسف أو الآية الأخرى {سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ} (1) سورة المعارج.
لماذا هذا الضعف في اللغة؟ أمر عجيب جداً أهو بسبب أساليب التدريس المتّبعة في المراحل الأولية أم أنه تقصير من الشخص ذاته بعدم القراءة، لكن ماذا عن الآخرين الذين يُفترض بهم الوعي والتعلم والمثابرة على القراءة.. هذا عدا أن هناك أخطاء تقتلني حين أراها مثل (أنتي، كنتي، ذهبتي، رأيتي، تألقتي) بينما الصحيح الذي يعلمه المتمرسون باللغة وعشاقها أن الفعل هنا لا يتصل بياء المخاطبة إطلاقاً!
هناك خطأ آخر درج عليه الكثيرون وأنا كنت طوال الوقت أعرف أنه يكتب بأسلوب محدد: (لِمَ) فعلت ذلك؟ لِمَ الحرج؟ لِمَ الخوف؟ لكن الغريب أنني وجدت البعض يكتبها هكذا: لِما فعلت ذلك؟ رأيت كتاباً كباراً يكتبونها هكذا.. فما الذي يحدث حقيقة؟
وللتأكد من هذه الكتابة الأخيرة لا بد لنا من بحث وتأمل في مثال مشابه في القرآن الكريم.. في الآية:
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ}..
ما نراه من أخطاء يبدو مُقلقاً يجعلنا نحمل هم لغتنا الجميلة خاصة مع هذا الانفتاح الإعلامي المتعدد المشارب، الموضوع واسع، متشعب ولعلي أعود إليه مستقبلاً.