ما زالت الرياضة النسائية في أوساطنا الثقافية والعلمية بل وحتى الشعبية والشبابية بين أخذ ورد، فنحن إما رافض أو مطالب أو صامت، والصامتون هم درجات ومراتب وغالبيتهم عن عدم اكتراث أو أن الموضوع لا يعنيه لا من قريب ولا من بعيد.. ومع أنني أعتقد أن جميع المجتمعات قد تجاوزت هذا السؤال إلى ما هو أكثر وأعقد سواء على المستوى الفردي أو المجتمعي إلا أننا في مجتمع كثيراً ما يطيل الوقوف أمام قضايا أحسب أنها بسيطة، وقد يكثر النقاش والجدل في أمور حقها الحسم والفعل خاصة إذا كانت هذه التساؤلات والإشكاليات تتعلق بالمرأة “ قيادتها، رياضتها، عملها في الهيئة مثلاً، متاجرتها..” والمعول عليه هنا والمحال عليه في هذا ما يعرف بباب سد الذرائع، فالتخوف عند تيار الرفض تخوف مشروع من أن تكون هذه الخطوة باباً من أبواب الشر والفتنة، وسبباً من أسباب الإفساد والفساد في المجتمع لا سمح الله، وأنا شخصياً وبرؤية متجردة دون أن أؤسس أو أقعد وأفتي في هذا، لست هنا بالذات مع تيار المنع، فالرياضة النسائية في نظري صارت اليوم ضرورة ملحة وليست مجرد ترفيه وتسلية، ضرورة صحية، وضرورة اجتماعية، وضرورة ذهنية، وضرورة نفسية ومتطلب أساس للمحافظة على جسد المرأة كما تتمناه وتنشده هي وزوجها على حد سواء.
لقد قاد مبدأ الرفض إلا أن نقرأ في الصحف وفي الصفحات الأولى أخبار رياضية غريبة كما الذي نشرته الشرق يوم الجمعة الماضي من أن (جامعيات ينظمن أول بطولة كرة طائرة في استراحة بالقصيم)!!.
ولي على هذا الخبر أسئلة خمس:
- ترى لو كنت في مجتمع عربي أو إسلامي فضلاً عن أن تكون قاطناً بلداً أوروبياً أو أمريكياً.. كيف تقرأ هذا الخبر، وهل يستحق النشر أساساً فضلاً عن أن يحتل وسط الصفحة الأولى وبالبنط العريض.
- وهل كان الخبر سيأخذ هذا الاهتمام لو كانت هناك صالة نسائية خاصة تمارس فيها المرأة الرياضة بعيداً عن أعين الرجال وتحت إشراف مؤسسة حكومية تربوية وتعليمية يثق بها الجميع لبناء العقل السليم في الجسم السليم.
- هل بالفعل الرياضة النسائية في مدارسنا وكلياتنا ومعاهدنا التربوية والتعليمية والفنية التقنية باب شر أم أنه على العكس مفتاح خير وسبب أكيد لاستقرارنا الأسري ولسعادتنا الزوجية ولصحة فتياتنا ونسائنا النفسية والجسدية؟
- أين الرافضين المانعين من التقارير الطبية الخطيرة التي تدلل على وجوب ممارسة الرياضة وأهمية تعرض المرأة خاصة لأشعة الشمس و...، ثم أن المرأة في الماضي كانت تكد وتكدح فينزل العرق من جسدها ويلفحها لهيب الشمس الحارق وتعاني من برد الشتاء القارص فيعتدل ميزان الهرمون عندها ولا تعاني من نقص الفيتامينات المخيف ويقيها الله شر الأمراض المستعصية برحمة منه ولطف ثم بجودة حياتها وقوة مناعتها.
إن لنا في مسابقة عائشة رضي الله عنهما لرسول الله صلى الله عليه وسلم وإباحة وممارسة المرأة الرقص في مجتمع النساء وكذا المشي بعيداً عن مواطن تجمع الرجال دليل على أن هناك ألوانا من الرياضة لا تؤثر سلباً على جسد المرأة كما يقول البعض وأعتقد أن أهل الاختصاص لديهم الدراية الكافية فيما هو ملائم لتكوين وتركيبة الأنثى حتى يتم إقراره في مدارسنا بعد تهيئتها بشكل صحيح ومستور لتمارس الفتاة الرياضة المختارة تحت عين متخصصة وفي حضور مربية.
إن أجهزة السير الرياضة صارت جزءا من مكونات الأثاث في البيت السعودي والسبب المنع من الرياضة سواء نظامياً أو عرفياً إذ أن قوانين العيب الاجتماعي لا تمكن بنت حواء أن تمارس رياضة المشي في الممشى المخصص وعلى افتراض تجرؤها وعدم اكتراثها بذلك فإن عيون المارة وللأسف الشديد بل وربما ألسنتهم وقد تصل الأمور إلى ما هو أبعد لا تتركها في حال سبيلها.
إن إقرار الرياضة النسائية في مدارسنا ومن وجهة نظر شخصية صرفة حل لكثير من المشاكل الصحية والنفسية وما أتمناه أن يعيد الرافضون قراءة وتحليل معطيات الواقع برؤية أشمل وبفهم أعمق للواقع وبعد اطلاع موسع على ما قاله أهل الاختصاص من الأطباء والنفسيين والاجتماعيين والتربويين بل وحتى الشرعيين ليكون منهم حسم الأمر ومن ثم عرض الأمر على أعين متخذ القرار لعل الله يجعل في هذا الأمر الخير والصلاح والله من وراء القصد وإلى لقاء والسلام.