حرم الشباب السعودي سنوات طويلة من دخول الأسواق التجارية والمولات بحجة أنه شاب لا أكثر.. وتراكم في وعي المجتمع أن الشاب السعودي ذئب بشري في حين أن الفتاة هي الحمل الوديع الذي يجب أن يحمى دوما من أعين الرجال المتربصة المستعدة للافتراس.. هذه الصورة النمطية للجنسين خلقت حواجز من الخوف والرعب بين الرجل والمرأة السعودية وظلمتهما معا, كما دعمت هذه الصورة النمطية بعض القوانين التي منعت الشاب من دخول المولات مثلا خوفا من ممارسات لا أخلاقية قد يقدم عليها, مما دعا كثير من التجار وأصحاب المراكز التجارية إلى الترحيب بهذا التوجه والالتزام به تماشيا مع المثل الذي يقول “الباب اللي يجيك منه ريح سده واستريح”.
كلمة “ممنوع” خلقت حالة عميقة من الإحباط وفي بعض الأحيان حالة تمرد على الواقع, فطبيعة الإنسان دائما ما تحقق ما يؤمل منها, في حين أن المجتمع كان يتجاهل أن الفتاة السعودية أحيانا وأقول “أحيانا” مصدرا رئيسا لتلك المشكلات التي تحدث داخل الأسواق والمراكز التجارية.
ففي زمن كانت تعرف فيه الفتاة بحيائها وسترها وخجلها انقلبت كثير من الوقائع في السنوات القليلة الماضية وخلعت كثير من الفتيات رداء الحياء والحشمة بل وأصبحت تستحي منه أحيانا ً.
المشاهد لفتيات بعمر الزهور وهن يتجولن في الأسواق محدثات جلبة وصخبا مفتعلا وبأشكال مبالغ فيها ساعيات للفت الانتباه قدر المستطاع تجعلنا نعيد النظر في تلك المفاهيم المتطرفة عاطفيا والتي كبر وعينا عليها والتي صورت الشباب أحيانا ً وكأنهم شياطين والفتيات كأنهن ملائكة ضاربين بعرض الحائط كل هؤلاء الرجال الشرفاء في حياتنا.. الذي أخصص جزءاً من مقالي لشكرهم.
لشكر الأب الذي يكافح للحصول على لقمة عيش, يربي ويشجع ويدفع ابنته للأمام ويفسح لها مجالا للتعبير والتساؤل ويدعم خياراتها ويقف بجانبها مشجعا ومصفقا وفخورا.
لشكر الأخ الذي يحترم خيارات أخته ويثق بقدراتها ويفاخر بنجاحاتها ويكون لها عونا وسندا وصديقا على الرغم من نشأته في بيئة لا تشجع على ذلك..
لشكر ذلك الابن الذي يردد وفي كل مناسبة انتمائه لوطن عظيم وشامخ اسمه الأم كان خلف نجاحاته وتوفيقه ويفخر بإنجازاتها خصوصا تلك التي تتجاوز مساحة “المطبخ”!.
لشكر ذلك الزوج الذي يقدم لزوجته بقدر ما أعطته من الحب والعطف والاحترام.. ويحاورها في كل شيء في الدنيا وليس فقط في شؤون البيت والأطفال, لإيمانه بنظرتها وحكمتها, ويدرك أنه يحميها برجولته واحتوائه كما تحميه هي بحبها وقلبها وينابيع عطفها التي لا تنضب.
لشكر ذلك المسؤول والقائد السياسي الذي يدفعها للصفوف الأمامية ويُفسح المجال لها رحبا لتأخذ مكانها الصحيح, مؤمنا بقدرتها وكفاءتها واستعدادها, وموقنا بأن هناك عينا فاحصة, ورؤية ثاقبة, وروحا دافئة ظل المجتمع لسنوات طويلة لم يبصر بها, ولم ينهل من معين وعيها ورشدها وحكمتها.
هؤلاء هم الرجال القدوة في مجتمعاتنا.. هؤلاء الذين يستحقون منا مساحات من التقدير والاعتزاز.. لكني وفي الوقت نفسه لا أدعي عدم وجود ممارسات خاطئة هنا وهناك من قبل الجنسين ولكني ضد التعميم بكافة صوره, ضد تصوير شبابنا عبر السنين وكأنهم ذئاب بشرية تمشي على الأرض فهم آباؤنا وإخواننا وأبناؤنا وأزواجنا وقادتنا في كثير من المواقع.
Twitter:@lubnaalkhamis