أتابع كغيري بقلق بالغ أحداث البحرين الشقيقة واختلاف الرؤى والتطلعات بين جيل سابق ينشد الاستقرار وحسب، وبين جيل متقد حماسا ينشد الإصلاح بشموليته.
وقد قطع ملك البحرين حمد بن عيسى الطريق على من يريد ببلاده شرا لاسيما التحالفات الخارجية أو المطامع المختلفة المشارب حينما قال بصراحة “إن كل جيلٍ له طريقته في الإصلاح، ونحن في هذا الجيل اعتبرنا التوافق طريق الإصلاح” بعدما صادق على التعديلات الدستورية الجديدة، وأكد على أن أبواب الحوار مفتوحة.
وكان متفائلا ومتسامحا برؤيته الأحداث الأخيرة التي شهدتها البحرين وأنها زادتها منعة وقوة، ولكنه لم ينس التأكيد على ضرورة تبادل الرأي بنوايا وطنية مخلصة، سيما وأن التعديلات جاءت تفعيلاً للمرئيات التي تم التوافق عليها في الحوار الوطني، وذلك بعد قيام السلطـة التشريعية بجناحيها (الشورى والنواب) بتحمل عبء المرحلة.
والواقع الذي تفرضه المرحلة الحالية هو مشاركة السلطة التشريعية وعدم انفرادها بالرأي، وهو ما سيؤدي حتما إلى تعزيز دور الرقابة على الأداء الحكومي، وسيحقق مطالب وتطلعات وآمال المواطنين عندما يستجيب لها، مع الأخذ بالاعتبار الحرص على المواطنة والوحدة، ليسير الإصلاح في طريقه الصحيح.
لا شك أن إعطاء البرلمان صلاحية منح الثقة أو سحبها من الحكومة، وفقاً لبرنامج العمل الذي تقدمه، يعد قمة الإصلاح، فسلطته ستكون أعلى من الحكومة. ففي حال لم يوافق على برنامجها للمرة الثانية، حينئذ سيكون له الحق والسلطة المطلقة في سحب الثقة منها.
وبموجب هذا القانون، ستقدم الحكومة برنامجها السياسي إلى البرلمان خلال ثلاثين يوماً من أداء اليمين، وستمنح مدة مماثلة للموافقة على البرنامج أو رفضه، فإذا رفضه؛ ينبغي على مجلس الوزراء أن يقدم برنامجاً آخر خلال مهلة واحد وعشرين يوماً. وإذا رفض للمرة الثانية يصبح لزاماً على البرلمان إقالة الحكومة.
ولعل من أبرز التعديلات تقليص صلاحيات مجلس الشورى، مقابل منح صلاحيات رقابية أكبر لمجلس النواب، ووضع شروط للترشح للمجلس النيابي، واختيار أعضاء مجلس الشورى.
والجميل أن مجلسي الشورى والنواب البحرينيين هما من أقرا تلك التعديلات وتم رفعها للملك للمصادقة عليها، والأجمل أن توصيات حوار التوافق الوطني قد شملت كل أطياف الشعب البحريني الذي تمكن من تحقيق أغلب مطالبه الشعبية.
وفي الوقت الذي نرجو فيه للبحرين الاستقرار، فإنه لن يستطيع أي مفكر أو محلل سياسي يحكم على نجاح التجربة ما لم تطبق على أرض الواقع، فالتجربة البرلمانية الكويتية لم تنجح بالصورة المطلوبة، فالحكومة لا زالت مضطربة ولا تعيش استقرارا يحقق تطلعات الناس ويبرز ملامح التنمية في ظل انفتاح سياسي فريد من نوعه في المنطقة، فالنزاعات بين مجلس الأمة والحكومة على أشدها.
وقد يعود ذلك لعدم نضج التجربة، أو لطبيعة المجتمع الخليجي الذي يحتاج الكثير من الوقت للخروج من مأزقه الديمقراطي!!
rogaia143@hotmail.comTwitter @rogaia_hwoiriny