« التاريخ المشترك بين البلدين ليس صفحة عابرة يمكن لأي كائن من كان أن يعبث بها»، بهذه الكلمات البليغة جسد خادم الحرمين الشريفين رؤية الحكمة والحصافة السعودية في استشعار عمق العلاقة السعودية والمصرية؛ مؤكدًا أنها تقوم في حالة الخلاف على أسس العتب لا قواعد الخصومة... موقف المليك بالأمس كان درسا تاريخيا في مسيرة العلاقات العربية العربية، موقف لا يقوم مقامه سوى الكبار حين أعلن أمام الوفد المصري بالأمس عودة السفير السعودي إلى القاهرة تقديرا للعلاقة بين البلدين وتكريما للوفد المصري الذي جاء للتعبير عن حب وتقدير المصريين للمملكة قيادة وشعبا.
تلك الكلمات الصادقة بالأمس أجزم أنها لامست قلوب الملايين خارج حدود البلدين والذين يعولون في هذه المرحلة التاريخية الحاسمة على الحفاظ على المصالح العربية والإسلامية وقطع الطريق على من يودون الاصطياد في الماء العكر، فالحكمة السياسية السعودية دائماً ما تتجسد في مفاصل التاريخ لتثبت أن المملكة أكبر وأحكم من أن تتخلى عن علاقاتها والتزاماتها الأخوية نتيجة فعل أو قول عابر.
بالأمس التقيت شابا مصريا في لندن حيث أكتب هذا المقال..كان سعيدا وفخورا بما حدث، وقال لي بلهجة مصرية أصيلة يجري في حروفها صدق النيل وأهله «إحنا بنحبكم..وماتصدأوهمش!!».
هذا الوعي بعمق العلاقة وصدقها وأهمية صيانتها هو الرصيد الذي اتكأ عليه المليك للتعبير عن الوجدان والضمير الشعبي في البلدين، وهو ما نراهن على تقوية أواصره ودعمه لكي لا يتسلل من خلاله الجهال والغوغاء والمستنفعون والمتربصون، وقد برهن سير الأزمة العابرة على أن مساحة هذا الوعي كبيرة وكافية لحماية العلاقات في وقت الأزمات، ففي شبكات التواصل الاجتماعي جرى حراك كبير لمحاصرة الأزمة ووأد فتنتها من قبل مواطنين من البلدين، وللأسف، كانت الحكمة في هذه المواقع أكثر وأصدق من بعض وسائل الإعلام والإعلاميين المخضرمين الذين سقطوا في اختبار الوعي دون الصفر!،.. كنت أتابع هذا الوعي الشعبي، وقد استوقفني تعليق لأحد المصريين على خبر نشر في صحيفة الأهرام في خانة تعليقات القراء قال فيه « أن عدد المظاهرات التي جرت ضد السعودية بعد الثورة 13 مظاهرة رغم أن السعوديين لم يضايقونا ولم يغيروا من معاملتهم لنا..»... والسؤال: هل يمكن أن تقوم 13 مظاهرة عفوية ضد بلد تجمعه بمصر علاقة الدين والتاريخ لولا إصرار أعداء البلدين على ترسيخ العداء واستغلال الحالة الثورية المصرية اليوم لضرب مصالح الشعبين وإحداث القطيعة!!
شكرا خادم الحرمين.. فقد لقنتهم الدرس جيداً..
fahadalajlan@